القدس العربي : انتحار التاء المربوطة

أربعاء, 2021-12-22 14:06

بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية كتب الدكتور :صبري صيدم فى القدس العربي ، تحت عنوان : انتحار التاء المربوطة :
هكذا وبصمت مرّ اليوم العالمي للغة العربية بعد أن أنعش ذاكرتنا البعض، بأن ذاك اليوم قد حل، وبعدما قامت عدة جهات دولية وعربية مشكورة بتكريم لغتنا، لغة الضاد، عبر إصدارات مختلفة، ومنشورات جديدة، ومحاولات مهمة للتذكير إن نفعت الذكرى. وبصراحة فإن محاولات الإنعاش المشكورة، ما هي إلا محاولات يائسة في زمن تفكر فيه اللغة ذاتها بالانتحار، ولعدة أسباب، أهمها التالي:
1 ـ تراجع مكانتها أمام تقهقر الأمة العربية وغيابها الطويل عن صناعة الفكر والإنتاج الثقافي والابتكار العلمي والتميز الفكري والاقتصاد المعرفي.
2 ـ تقهقرها أمام تفكك العالم العربي، ونكباته المتلاحقة، التي كان آخرها ما سمي بالربيع العربي، الذي أعاد العالم العربي عقوداً إلى الوراء.
3 ـ سواد ثقافة «العربيزي» التي شاعت مؤخراً في الفضاء الإلكتروني جراء ولادة الجمع بين اللغة العربية واللغة الإنكليزية، واعتماد الشباب العربي على تبني هذه الثقافة، على أنها موضة العصر، وبغرض السرعة، وتجاوز حواجز اللهجات العربية المختلفة، والتساوق مع الثقافة الغربية، والرغبة الملحة في اختصار الوقت والجهد، بينما استبدلت بعض الحروف العربية بأرقام دخلت على خط «العربيزي» فاستخدم الرقم 3 ليكون بديلاً عن حرف العين، والرقم 7 بديلاً عن حرف الحاء وهكذا. نهج جديد تشهده اللغة العربية في الفضاء الإلكتروني لا محالة، زاده تعقيداً تشديد مقص الرقيب، من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، فلجأ كثيرون للاستعاضة عن مفردات محددة بحروف لاتينية لتضليل عملية «الفلترة» التي تطبقها تلك المنصات.
4 ـ تراجع أولوية اللغة العربية أمام لغات الإنترنت الشائعة كالإنكليزية والصينية والإسبانية والفرنسية وغيرها، بحيث لم تعد اللغة العربية تحتل المرتبة الخامسة في تصنيف الأمم المتحدة، بل إن بعض منشورات الأمم المتحدة باتت تتجاوزها.