السفير اللبنانية : 10سنوات على رحيل عرفات: فراغ كبير في الأمن.. والسياسة

ثلاثاء, 2014-11-11 23:31

شكّل رحيل ياسر عرفات قبل عشرة أعوام صدمة للفلسطينيين، فالرجل ارتبط بفلسطين اسماً ورمزاً طوال أكثر من أربعين عاماً، وهو الشخصية التي حظيت بإجماع كبير بين الفلسطينيين، برغم مراحل الخلافات الصعبة بشأنه بين القوى الفلسطينية والإقليمية والدولية. كما أن صاحب الكوفية تمكّن حتى وفاته من إبقاء الأمور تحت سيطرته، وظل يُمسك خيوط اللعبة وزمام المبادرة، ما أجّل تفجّر الخلافات الداخلية على الساحة الفلسطينية، وتحوّلها إلى انقسام عبثي ما زالت القضية الفلسطينية تدفع أثمانه.
وصفه البعض بـ«قلب الثورة»، فيما أخذ عليه ذهابه بعيداً عنها، خصوصاً في مرحلة ما بعد اتفاقية اوسلو. وصف البعض إمساكه بكافة مفاصل العمل الوطني الفلسطيني بـ«الديكتاتورية»، بينما قال آخرون إن المراحل الخطيرة التي مرّ فيها الصراع العربي الفلسطيني، في حقبات التحوّل الإقليمية والدولية، كانت تستوجب قدراً من «التفرّد» في القرار لتحصين العمل الوطني الفلسطيني من الانقسام.
ومهما اختلفت الآراء في عرفات، فإنّ السنوات العشر التي تلت وفاته، ربما هدّأت قليلاً من حدّة الجدل بشأن خياراته، لا سيما في العقد الأخير من حياته، ليتحوّل الى نقاش تنطلق مقاربته من أن الرجل عاش مقاوماً، برغم جنوحه نحو خيارات التسوية، ومات شهيداً، في ظل وجود ادلّة على ان العدو الاسرائيلي قد اغتاله تسميماً.
بسام أبو شريف، مستشار عرفات وصديقه، كان أكثر مَن حذّر الرجل قبل وفاته من أن الإسرائيليين يريدون قتله.
في أحد الحوارات بينهما، حذّر أبو شريف عرفات من أن ثمة مخططاً لاغتياله، فأجاب، بلكنته المصرية المعهودة، والتي يتكلّمها إلى حد كبير أهالي قطاع غزة مسقط رأس صاحب الكوفية: «إنت عارف كام مرة حاول قبل كده».
لا يذكر أبو شريف عدد محاولات الاغتيال، لكنها تزيد عن 60، كما أكد في حديث إلى «السفير».
ويقول أبو شريف «منذ عشر سنوات، اغتيل عرفات لأنه اكتشف أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لا تنوي تنفيذ الاتفاقات الموقعة التي تقضي بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ولأنه رفض أن يخون أو يهادن، قرروا قتله ببساطة».
ويؤكد أبو شريف أن إسرائيل هي من اغتال عرفات «لأن القيادة الإسرائيلية كانت ترى في بقائه عقبة أمام مخططها لإخضاع فلسطين المحتلة، والذي كان يستهدف في أحسن أحواله، إعطاءنا حكماً ذاتياً تحت السيطرة الإسرائيلية، وأن تستباح أرض فلسطين في ظل هذا الحكم الإسرائيلي من أجل مواصلة التمدد الاستيطاني وتهويد القدس، وهذا ما يحصل اليوم».
بعد وفاة عرفات غير الطبيعية في مثل هذا اليوم من العام 2011، وبعد مواراته الثرى في رام الله في قبر مؤقت تمهيداً لنقله إلى القدس، تكاثرت لجان التحقيق لمعرفة ظروف الوفاة الغامضة.
وكانت النتيجة الحاسمة العام الماضي، حين صدر تقرير طبي أثبت أن الرجل توفى مسموماً بـ«البولونيوم المشع»، وهي مادة لا تمتلكها إلا الدول التي لديها مفاعلات نووية.
ويؤكد ناصر القدوة، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، وابن شقيقة عرفات، أن إسرائيل هي من اغتالت الرئيس الراحل، في ظل عشرات المؤشرات التي تظهر، بالإضافة إلى التقارير الطبية حول المادة السمية النووية التي دسّت له، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الاسبق أرييل شارون كان يريد التخلّص منه، لتحقيق حلم قديم، وثأر شخصي مع عرفات منذ اجتياح بيروت في العام 1982.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري لـ«السفير» إن وفاة عرفات أحدثت فجوة كبيرة على مستوى القيادة الفلسطينية «فعرفات لم يكن قائداً لفتح أو للسلطة بل كان قائداً للشعب الفلسطيني، وبرغم أخطائه، إلا أن رمزيته وشخصيته القيادية كانت تجمع الكل تحت غطائه، وهو كان الصمغ اللاصق، الذي يجمع الكل».

أمجد سمحان