القدس العربي : سفيرة أمريكا وسياسة ركل منتقدي إسرائيل بالحذاء

ثلاثاء, 2017-03-28 23:02

في مقاربة شديدة الرمزيّة بين ممثلة الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هيلي والمنظومة الدولية شبّهت الأخيرة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 حول المستوطنات بأنه كان «ركلة على بطن» الأمريكيين.

القرار المذكور، كما هو معلوم، كان تصرّفاً سياسياً غير مسبوق من إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، الذي سمحت ممثلته سوزان باور بتمرير القرار من خلال امتناع بلادها عن استخدام حق النقض، كما اعتادت دائما، في إشارة أخيرة إلى أن كأس أوباما قد فاضت من الغطرسة الإسرائيلية.

الواضح أن هيلي هي إحدى تلميذات مدرسة رئيسها دونالد ترامب السياسية (واللغوية) فتشابيهها ومقارناتها وتصريحاتها مليئة بالعنجهية الفظة والتباهي الأحمق بالقوّة والقدرة على إرهاب الآخرين ومعاقبتهم.

تتكشف هذه الظواهر بوضوح في الكلمة التي ألقتها هيلي أمام مؤتمر اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للعلاقات العامة (إيباك) والتي قالت فيها إن «لا شخص يجرؤ أن يتحدث معها عن القرار 2334»، وبأنها «الشريف» الجديد (الكلمة التي اعتدنا على سماعها في أفلام الويسترن والكاوبوي القديمة لوصف مدير الشرطة في منطقة أو بلدة) في الأمم المتحدة، وبأنها تمثل «إنذاراً للجميع» في المنظمة الدولية في كل ما يخص إسرائيل، وبأن على السلطة الفلسطينية أن تعود لطاولة المفاوضات من دون شروط!

غير أن ذروة الشوارعيّة التي صارت الطابع الذي يطبع إدارة ترامب والعاملين معه كانت في قول هيلي «أنا أرتدي حذاء ذا كعب عال، ليس من أجل الموضة ولكن لركل أي شخص يوجه انتقاداً خاطئاً لإسرائيل».

نفهم تماماً أن نيكي هيلي هي ممثلة الترامبية في المنظمة الأممية، وقد انتبهنا بالتأكيد إلى «إنجازاتها»، من دفع ريما خلف رئيسة لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) للاستقالة بعد صدور تقرير عن اللجنة يعتبر إسرائيل «نظام تمييز عنصري»، إلى منع تعيين رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض ممثلاً للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا وصولاً إلى تهديدها الوقح الأخير باستخدام كعب حذائها لمواجهة منتقدي إسرائيل.

لكن غير المفهوم والمستغرب هو هذا الخنوع المخزي لأكبر موظف في الأمم المتحدة، الأمين العام أنطونيو غوتيريش، وكذلك الصمت العجيب الذي تقابل به تصريحات هيلي الخارجة عن أطر الدبلوماسية المتعارف عليها، وهو أمر يحيل المنظمة الدولية، التي بنيت على أساس العمل على منع الصراعات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، فعلاً إلى بلدة يحكمها «الشريف» الأمريكي الذي يحمل مسدّسه على خصره، وينظر إلى الفلسطينيين نظرة أسلافه إلى «الهنود الحمر».

وما دام الحال كذلك فإن ما يخطر في بالنا هنا ردّاً على نظرة هيلي الشعبوية وتشبيهاتها الهوليوودية الساذجة هو ما قاله الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش في «خطبة الهندي الأحمر»: «ستنقصكم أيها البيض ذكرى تروض خيل الجنون وقلب يحك الصخور لتصقله في نداء الكمنجات… ينقصكم، وتنقصكم حيرة للمسدس: إن كان لابد من قتلنا فلا تقتلوا الكائنات التي صادقتنا، ولا تقتلوا أمسنا».

نيكي هيلي هي خلاصة العدوانية الترامبية التي تجد في إسرائيل ممثلها الحقيقي في العالم.