ولد بكار : المعوق الأساسي للحوار هو غياب ثقافة وتقاليد الحوار في السياسية عندنا

خميس, 2015-01-29 12:34

 اعتبر الإعلامي الموريتاني والقيادي فى حزب التحالف الشعبي التقدمي، محمد محمود ولد بكار أن البلد دخل في مرحلة انتقالية هي الأبرز في تاريخه بسبب دخول الرئيس ولد عبد العزيز في مأموريته الأخيرة حسب الدستور .

 وأضاف ولد بكار في مقابلة مع يومية "الأمل الجديد" نشرت اليوم الاثنين 26 يناير 2015 أنه "انطلاقا من ذلك يجب إحداث إصلاحات هيكلية لم نأخذها في الحسبان خلال إصلاحاتنا وحواراتنا الماضية ،أو جاءت نتيجة لأسلوب ممارسة السلطة الفج ،أو بتعطيل بعض أو كل تلك الإصلاحات وما ترتب على ذلك من تدهور في الأداء وفي التوافق السياسي" .

 

ولد بكار رأى أن من ابرز المعوقات الأساسية للحوار في موريتانيا غياب ثقافة وتقاليد الحوار في السياسية عندنا، والإحباط الذي يخيم على الوضع بسب عدم الاستقرار السياسي وعدم الاستفادة من الإصلاحات واختطاف الفرص أمام السياسيين، وبالتالي القفز على الشرعيات ، ومسار الإحباط أو الشك الذي زرعه عزيز في إدارته للشأن العام والسياسي منه بالخصوص و اتجاه الحوار خلال مساره في الحكم .

وهذا نص المقابلة :

 

الأمل الجديد: ما هو تقييمكم للحوار؟

محمد محمود ولد بكار: الحوار إيجابي دائما، لكنه قد يكون لضرورة وطنية أو سياسية وقد يكون لهما معا . كما لابد من أخذ مجموعة من المعطيات المؤثرة في الساحة في الحسبان عند تحليل أسباب ودوافع هذا الحوار . من هذه المعطيات أن الرئيس عزيز دخل في مأموريته الأخيرة ونحن بذلك مقبلون على عملية تحول سياسي كبيرة، وعملية تغيير في نمط  وأسلوب وطريقة الحكم ، لأننا سننتقل من مرحلة تنتمي إلى الحقبة ما بين 1978 ـ 2005 حسب أكثر الدلائل، إلى الحكم المدني وبداية التناوب السلمي على السلطة ،أي أننا في مرحلة انتقالية ، فيجب إحداث إصلاحات هيكلية لم نأخذها في الحسبان خلال إصلاحاتنا وحواراتنا الماضية ،أو جاءت نتيجة لأسلوب ممارسة السلطة الفج ،أو بتعطيل بعض أو كل تلك الإصلاحات وما ترتب على ذلك من تدهور في الأداء وفي التوافق السياسي .

ـ ثانيا ضعف الجبهة الداخلية في عدم قدرتها ـ في وضعها الحالي ـ على استيعاب المشاكل الجديدة أو المتجددة بفعل التناقض والتخلي عن جوهر المسؤوليات .

ـ ثالثا حجم التوترات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية حتي،  وتأزم الوضع بما يهدد سلامة البلد، مع الاستمرار في نهج القطيعة واستقالة أصحاب الرأي والمصداقية وإبعادهم من أماكن التـأثير.

ـ رابعا صراع أصحاب المصالح الداخليين والخارجيين على البلد لإحكام السيطرة عليه. إذن نحن في الواقع أمام الحوار الذي هو ضرورة للحفاظ على البلد. هذا هو الطابع الأساسي لهذا الحوار، وهذا لا ينفي أن يكون لكل طرف مصلحته فيه ، إلا أن المصلحة العامة هي الأهم وهي التي تهم الشعب والدولة .صحيح أن ولد عبد العزيز يواجه مشاكل متعلقة بحكمه وبخروجه من السلطة بكل مقتنياته، كذلك تبدلت بعض المعطيات والمواقف بسبب التغييرات التي حدثت في العالم، فكريا وسياسيا مثل استحالة تغيير الدستور لمصلحة تمديد الحكم. ثم إن المعارضة تواجه العجز في تغيير الأمور علي الأرض وبالتالي من مصلحتها الدخول في الحظوظ والفرص التي يتيحها خروج عزيز من السلطة، والمشاركة بقوة في صياغة المرحلة القادمة وعملية التحول .وعلى كل حال فقد تشجع ولد عبد العزيز وأعلن بصفة مكتوبة عن استعداده للحوار وفي كل المواضيع. وبعيدا عن أي موقف سياسي، أخذ عزيز الخطوة المناسبة في الوقت المناسب حتى وإن كانت هناك ملاحظات في الشكل أثارها البعض ، حول طريقة إخراج مقترحه الجوابي : كونه باسم الأغلبية وهي غائبة وضعيفة وليس لها من الأمر شيء، أو كونه طرح مجموعة من النقاط التي كان يجب أن يأخذ بها قرارات برهانا على حسن النية بدل تضمينها للحوار مثل: حق فتح وسائل الإعلام أمام المعارضة التي هي حق لها، أو حق رجال أعمالها في كسب بعض الصفقات العمومية بما هم مواطنين .ومهما كان عدد الملاحظات الشكلية،فإن عزيز قد دحرج الكرة هذه المرة باتجاه مرمي المعارضة . كما أنها، أي المعارضة، ليست أحسن حظا حينما تقدم نفسها دفاعا عن الوطن ولا تقدم مصلحته على مطامحها , فعليها أن تبرهن من خلال قبولها للحوار وتجاوز الشكليات أنها تقف إلى جانب البلد أمام مخاطر الأزمة الحالية .

 

الأمل الجديد: ما هي وجهة نظركم في معوقات الحوار ؟

محمد محمود ولد بكار: المعوق الأساسي هو غياب ثقافة وتقاليد الحوار في السياسية عندنا. ثانيا الإحباط الذي يخيم على الوضع بسب عدم الاستقرار السياسي وعدم الاستفادة من الإصلاحات واختطاف الفرص أمام السياسيين، وبالتالي القفز على الشرعيات .ثالثا مسار الإحباط أو الشك الذي زرعه عزيز في إدارته للشأن العام والسياسي منه بالخصوص و اتجاه الحوار خلال مساره في الحكم .والحقيقة أن الناس يطوقهم الشك والريبة في عزيمة ولد عبد العزيز وفي جديته وفي سلوكه اتجاه الآخرين إذ لا يولي أهمية لأي أحد، ويختزل الأمور في نفسه بالقفز على المؤسسات والأشخاص  الذين يدورون في فلكه ، وبالتالي كل شيء مربوط بإرادته وبشخصيته في حين أن علاقته الشخصية بالسياسيين لا يسودها كثير من الاحترام، إذن هذه مجموعة من المعوقات لا يمكن تجاوزها إلا بنكران الذات ومنح فرصة جديدة لهذا الحوار.

 

الأمل الجديد: ما هي في نظرك دواعي التعديلات الدستورية التي كثر حولها اللغط ؟

محمد محمود ولد بكار: نحن أمام معضلة حقيقية إزاء هذه المسألة ، فالإكثار من التغييرات يؤثر علي هيبة القوانين وصلابتها التي تكتسبها من التراكم والفاعلية، حيث تصبح القوانين رخوة هينة نغيرها كلما لم تخدم طموحنا الشخصي، بدلا من أن نخضع أنفسنا لها ولإكراهاتها.هذا من جهة، لكن من جهة أخري فالدساتير وضعت بصفة عامة لحماية الأهداف ولتلبية طموح الشعب ،ولخلق سلاسلة النظام وتطبيقه على أرض الواقع. وهذا يتطلب أن يكون الدستور مقروءا ، أي لا يتضمن  مواد يمكن تسييسها أو تأويلها حسب الأغراض ، كما أن الإصلاحات التي خضعت لها دساتيرنا لم يقم حولها الإجماع أو لم تتضمن تجربتنا نحن الخاصة بنا، بل نقلنا دساتير دول أخري. واليوم مع فشل تطبيق الإصلاحات على أرض الواقع ، نحاول أيضا أن نضمّنها جزءا من تطلعاتنا وتجربتنا ولنقضي على مخاوفنا. هذه الدساتير في الحقيقة لم تعمل بشكل جيد .وتتضمن مواد يمكن حملها على أكثر من وجه ، كما تتضمن مواد تغلق الباب في وجه شريحة عمرية كبيرة ، إذن هو بحاجة لتعديلات حالية لإحداث جملة إصلاحات منها وضع قفل عليه يحميه من التعديلات  لمدة 50 سنة  قادمة . أما بالنسبة للمواد غير المقروءة مثل تحديد المأموريات باثنتين، هل يعني أنه لا يجوز لأحد أن يترأس البلد أكثر من مأموريتين مطلقا ، أو أن المشرع يعني أنه فقط لا يمكنه رئاسة البلد فوق مأموريتين متتاليتين، لابد من البت في هذه المادة .ثانيا بالنسبة لرفع سن الترشح فهو مهم ولا يتعلق بشخصين أو ثلاثة فقط لأن الناس تعرفهم  لكن ذلك ظلم وتجني وليس هو الحقيقة، بل هناك أناس لم يعلنوا عن رغبتهم ، وترشح سيدي ولد الشيخ عبد الله كان خير دليل على وجود شخصيات مهتمة من خارج السياسيين .ثم أننا نتأثر بالعالم من حولنا وبالجوار بصفة خاصة مثل السنغال وتونس والجزائر ،كلها تجاوز رؤساءها الثمانين. وبصفة خاصة مسعود وأحمد تم ظلمهما عندما تم تنظيم انتخابات لا تضمن الشفافية فكان عدم قبول الدخول فيها هروبا من تشريع انتخابات معروفة النتيجة سلفا ووفق مقاسات معينة. أما فيما يخص انتخابات سابقة لأوانها فالمأمورية الحالية عبارة عن أمر واقع ولا يعترف الطيف المعارض بمشروعيتها . وهكذا يطرح بعضهم بل يشدد على إعادة الانتخابات من أجل الاعتراف بأن ما تم رغم أنف المعارضة غير شرعي ويجب تصحيحه. أما موضوع المأمورية الثالثة فهو أمر مغلق في الدستور ويمنعه الرأي العام والعالم .