القدس العربي : الترسانة السعودية العملاقة وتكنولوجيا الحوثي الفقيرة.

ثلاثاء, 2019-05-21 13:40

نشرت صحيفة القدس العربي على صفحة رأي القدس بعنوان :الترسانة السعودية العملاقة وتكنولوجيا الحوثي الفقيرة.

.وجاء ضمن التحليل :

من الواضح بالتالي أن جماعة الحوثي قد انتقلت بدفاعاتها في وجه التدخل العسكري السعودي والإماراتي في اليمن إلى طراز جديد هجومي، يعتمد وسائل رخيصة الكلفة وتكنولوجيا بسيطة التصنيع، ولكنها في الآن ذاته يمكن أن تتصف بخطورة بالغة، خاصة لأنها يمكن أن تستهدف آلاف الكيلومترات من أنابيب النفط، وعشرات منشآت الاستخراج والتكرير والضخ، في السعودية والإمارات على حد سواء.
وما يزيد في فعالية هذا الخيار الهجومي أن الطائرات المسيرة التي استهدفت محطة الضخ 8 السعودية جرى إطلاقها من مسافة تزيد على 800 كم، وأن الأمدية التي يمكن أن تصل إليها هذه الطائرات قد تبلغ 1600 كم، مما يعني أنها قادرة على تدمير أهداف واسعة النطاق ومتباعدة جغرافياً. ولعلّ أعمال القصف الأخيرة تعطي مصداقية متأخرة لإعلانات سابقة صدرت عن الحوثي قالت بقصف منشآت حيوية سعودية وإماراتية، بينها مطارات الرياض وأبو ظبي ودبي.
مصدر الخطورة الثاني أن أعقد الشبكات الدفاعية التي تحيط بالمنشآت النفطية في البلدين، والتي أنفقت عليها الرياض وأبو ظبي مليارات الدولارات، عاجزة جزئياً أو كلياً عن اعتراض هذه الطائرات المسيرة والحدّ من آثارها التدميرية هذا إلى جانب صعوبات كبرى تحول دون نشر أي نوع متقدم من البطاريات الدفاعية يتكفل فعلياً بحماية الشبكات العنكبوتية من أنابيب النفط، وبالتالي هنالك شبه استحالة في ضمان عدم وقوع أضرار بيئية فادحة يمكن أن تنجم عن تسرّب الخام.
صحيح أن إصلاح الأعطال التي تصيب المنشآت النفطية بات سهلاً ومتقدماً وسريعاً، إلا أن اتصاف هجمات الحوثي بالثبات والديمومة سوف يجعل المعادلة أقرب إلى حرب مفتوحة باهظة التكاليف، لا تؤثر على معدلات الإنتاج وحدها بل تعبث بأسعار برميل النفط وتخل باستقرار السوق على نطاق عالمي. ومن الواضح أن هذه المخاطر وسواها كانت السبب في مسارعة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الدعوة لعقد قمتين طارئتين، خليجية وعربية، أواخر هذا الشهر لبحث الاعتداءات على منشآت النفط.
ورغم أن عنوان الدعوتين كان توحيد الصفوف، وأن دولة قطر قامت ببادرة حسن نية حين زودت الإمارات بإمدادات غاز إضافية بعد تعطل خط أنابيب شركة «دولفين» الذي ينقل الغاز إلى أبو ظبي، فإن الرياض تقصدت عدم دعوة الدوحة إلى القمتين في مفارقة فاضحة عكست استمرار الرياض في التعنت خليجياً والتخبط يمنياً.