الشبخ ماء العينين : شيخ المشايخ

أربعاء, 2020-05-06 16:38

هو سيدي المصطفى بن الشيخ محمد فاضل ( ولد سنة 1797 و توفي سنة 1869 ميلادية)، بن الشيخ محمد الأمين ” الملقب مامين” القلقمي الإدريسي الحسني، المزداد يوم الثلاثاء السابع و العشرين من شعبان سنة 1246 للهجرة

الموافق لتاريخ 11 فبراير 1831ميلادية، و المتوفى يوم 21 شوال 1328 سنة للهجرة الموافق ليومه 25 اكتوبر 1910 ميلادية والدته منينة أو منة بنت المعلوم بن سيدي من قبيلة إجيجبه ...

نشأ الشيخ ماء العينين في كنف والده وتتلمذ على يديه وأخذ عنه العلوم الشرعية والسلوك، حفظ القرأن برواية ورش وهو بن عشر سنين، ثم أعاد حفظه بالقراءات السبع، جد في طلب العلم على يد والده و شيوخه كالشيخ محمد فاضل بن الحبيب اليعقوبي، وفي ذلك يقول الشيخ محمد عبد الله بن تكرور منوها بعلمه و سعة حفظه ” و كان أطول من رأيناه و سمعنا به باعا في العلوم، تفقه في صغره على أبيه…وأخذ عنه علم اللغة والنحو والحديث والأصول… وكان يحفظ كثيرا عن ظهر قلبه….مختصر خليل …الألفية … الجوهر المكنون في الثلاث فنون….”

بدأ حياته بطلب العلم عند والده الشيخ محمد فاضل بن مامين، فلما أجازه وصدره، انتقل الشيخ راحلا إلى بلاد الساحل و تندوف طالبا للعلم و داعيا لله ، كما حج الشيخ ماء العينين بلاد الحرمين سنة 1858 للميلاد فمر على فاس ثم مصر فالحجاز، رحلة مكنته من الاطلاع على أحوال العالم الإسلامي و المستجد فيه، ومن تطور الحياة و بلوغ الغرب أبواب الشرق بمدنيته و علومه و تقدمه…، كما مكنته أيضا من ربط علاقات وطيدة بملوك الدولة العلوية ممن عاصرهم.

اجتمع حول الشيخ ماء العينين خلق كثير، وتوافد عليه وجهاء القبائل وطلبة العلم من شتى المناطق، لأجل ذلك بدأ الشيخ في بناء نواة حضرية لمجتمعه الكبير ( مدينة السمارة)، حتى تكون قلعة للجهاد و رباطا للعلم، و هنا نقف عند شهادة محمد الأمين الشنقيطي في كتابه الوسيط في تراجم أدباء شنقيط حين يقول:

“وقد اجتمعت به… ورأيت منه ما حيرني، لأنه أقدر من معه في وادي السمارة من الساقية الحمراء – الصحراء – بعشرة آلاف شخص، ما بين أرملة ومزمن، وصحيح البنية، وكل أصناف الناس وكل هؤلاء في أرغد عيشة، كاسيا من ذلك الشيخ، و يزوج الشخص و يدفع لمهر من عنده، و يجهز المرأة من عنده، مع حسن معاشرته لهم، و لا فرق عنده بين ولده و المحسوب عليه….”، بجانب الزاد و التسيير الحسن، كان الشيخ ماء العينين مواظبا على تلقين وتدريس العلم بفروعه و حضور حلقاته.

حينما أطل رأس الاستعمار من بوابة الجنوب، بعث الشيخ رسائل التحريض للقبائل في بلاد شنقيط يحضها على الجهاد و مقاطعة النصارى، وشكل حلقة وصل بين المجاهدين في الجنوب و بين إمارة المؤمنين في الشمال، فراسل السلطان في فاس ليدعم المجاهدين بالسلاح و العتاد، و عن دور الشيخ ماء العينين في الجهاد ضد الفرنسيين يتحدث الضابط جيليله فيقول:

“إن الرجل الذي سيكون خطر عدو لنا في موريتانيا هو شيخ السمارة، فقد برز جليا للعيان بعد مقتل كوبولاني . فانه هو الذي من زاويته ينظم المقاومة ضدنا، فقد كتب إلى كل المشايخ موريتانيا يستحثهم على حمل السلاح، لمقاومة تقدمنا…”، إلى أن يقول ” وبدعم من سلطان المغرب”.

و لمطالعة تفاصيل أكثر عن رسائل و مكاتبات الضباط الفرنسيين بشأن الشيخ المرجو مطالعة مذكرات الضابط جيليه أو كتاب الشيخ ماء العينين أمراء و علماء في مواجهة الاستعمار الأوروبي الجزء الثاني.

إنه لمن النادر أن يجمع شيخ جليل بين سياسة الحكم و النظر في أمور العباد و بين الجهاد و مقارعة الأعداء ،و كذلك بين طلب العلم و تدريسه و تأليف الكتب، مميزات قلما اجتمعت في شخصيات تاريخنا الإسلامي، وهنا أتذكر شهادة المؤرخ الدكتور حماه الله و لد سالم، حين قال أن الشيخ رجل في دولة، بل إنه دولة في رجل، لقد كان الشيخ أيضا حجة على من ادعى أن الحركات الصوفية اتخذت موقفا سلبيا ضد مقاومة الاستعمار إن لم تكن حليفة له، رغم أن الشيخ حقيقة لم ينسب نفسه لطريقة معينة بل جعل نفسه مؤاخ لجميع الطرق.

هذه نظرة سريعة لمسيرة الشيخ المعطاءة و التي مهما كتبت قد لا أبلغ كل جوانبها، غير أنه ولله الحمد توافرت الكتب والتصانيف و الشهادات التي تغني كل باحث يريد معرفة الكثير قبل القليل عن سيرة الشيخ ماء العينين.

المصدر :موقع الشيخ ماء العينين