شهادات التعليم بين الأمس و اليوم / محمد سالم ولد حبيب

أربعاء, 2020-05-13 23:20

لم تعد للشهادات - المتحصل عليها في الوقت الحالي لدى الكثير من بني جلدتنا - ذلك البريق والألق الذي كان لديها.
كما لم تعد تنبئ- صراحة- عن مستوى حاملها.
فكم من صاحب شهادات عليا، يحيطها بهالة من التغليف والزركشة وا لتقدير، يزين بها جدران حجرته وهو منها براء مستوى واستحقاقا.
لقد لا حظنا -للأسف- في السنوات الأخيرة سيلا جارفا - ما شاء الله- من أعداد الحاصلين على الشهادات وبالجملة، لكثير من طلاب مؤسساتنا المشاركين في المسابقات الوطنية، بدءا بشهادة الدروس الابتدائية مررورا بشهادة الدروس الإعدادية، وليس انتهاء بشهادة البكالوريا، والتي ربما تكون الوحيدة التي مازالت نسبة النجاح فيها مؤشرا على تدهور المنظومة التربوية، حتى أن معظم أولئك أيضا الذين حصلوا على هذه الشهادة (الباكلوريا)؛ تجد الكثير منهم غير متحصل على أبسط الكفايات التي ينبغي أن يتحصل عليها ممن هو في مستوى شهادته.
"ولا ينبؤك مثل خبير"
ليكون الحال أدهى وأمر حين تبدأ الشهادات الأرفع درجة.
والتي يفترض أن يكون أصحابها من النخبة.
الشيء غير الحاصل. وهو ذاته ما تشي به ما يتركه هؤلاء من أثر أو إنتاج على جميع مستويات التواصل الشفهي أو الكتابي والذي تبين عنه عادة؛ ما نسمعه ونراه على مختلف المنابر الإعلامية أوما نلحظه بين السطور فيما تسطره أناملهم هناك وهناك من حين لآخر، على وسائط التواصل الاجتماعي.
مما عرّى معظم هؤلاء أمام الرأي العام وكشف المستور.
لقد كان أصحاب الشهادات الحقيقيون وإلى وقت قريب معدودين.
وقد تجد نجاحا واحدا أو اثنين في مسابقة الدروس الإعدادية أو الباكلوريا، على مستوى ولاية أو مقاطعة، لكن مستواه المعرفي مميز.
لأن القدسية التي كانت تحاط بتنظيم الحصول على هذه الشهادات والعناية بها؛ كانتا كفيلتين بانتقاء المستحقين.
مما يذكرنا بالمثل:
"إكليل يغير انعاج".
حتى أنك تجد أحيانا أفرادا من الجيل الذهبي ليس بحوزة أي منهم شهادة؛ ومع هذا فهو يحمل رصيدا معرفيا يكفي لتدريس أكبر الجيل الجديد شهادة.
إن الاختلال في كل ذلك مرده الإستراتيجيات المتبعة حاليا في نظام التعليم، لغياب أهل الشأن وتصدر غيرهم المشهد.
وما ينجر عن ذلك من ضبابية في الرؤية تنعكس سلبا على صياغة الأهداف والمرامي والغايات المتوخاة من وراء تعليمنا.
هذا إضافة إلى العولمة الجارفة وتطوراتها المتلاحقة.
والتي لم نستغل منها - للأسف - إلا الجانب المعيق والمشوش على رؤانا و يؤخرنا عن الركب.
مما جعلنا أمام تحدٍّ حقيقي يصعب علينا التغلب عليه.
على الأقل في المستقبل المنظور.
إن كل ما سبقت الإشارة إليه يعتبر مفارفة تثير الانتباه، وتحتاج التحليل، والبحث وكل أدواته الحديثة وكذا توظيف كل العمليات العقلية الكفيلة بجعلنا نتنسم أماكن الخلل؛ لسدّ الثغرات قبل فوات الأوان.