تدشين مركز نواكشوط للبيانات

أشرف فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، اليوم الخميس في نواكشوط الغربية، على تدشين مركز نواكشوط للبيانات، وهو أول منشأة وطنية من نوعها، معتمدة وفق أعلى المعايير الدولية، لتخزين ومعالجة وحماية البيانات السيادية، ولتوفير خدمات رقمية مؤمنة للمؤسسات العمومية والخاصة.

وتجول فخامة رئيس الجمهورية داخل هذا المركز وتلقى شروحا مفصلة حوله، قبل أن يزيح الستار عن اللوحة التذكارية ويقص الشريط الرمزي إيذانا ببدء تشغيل هذا المركز.

ويأتي هذا التدشين ترجمة لسياسة طموحة، تسعى لإرساء بنية تحتية رقمية متطورة، تكون الأساس لاقتصاد رقمي مزدهر، وخدمات عمومية أكثر نجاعة، ومجتمع معلوماتي آمن، وهذا المركز ليس مجرد منشأة تقنية، بل هو إنجاز استراتيجي يمثل نقلة نوعية في مسار استقلالية القرار الرقمي الوطني، وتم تشييده وتجهيزه وفق مواصفات فنية وهندسية من الطراز الأول، ليكون في مصاف مراكز البيانات الكبرى، من حيث الأمان، الاعتمادية، والجاهزية التشغيلية.

ومن أبرز خصائص مركز نواكشوط للبيانات، شهادة الاعتماد من المستوى الثالث الصادرة عن معهد آب تايم العالمي، والتي تُمنح -حصرا- لمراكز البيانات التي تضمن استمرارية تشغيل عالية (تفوق 99.982%)، بفضل بنية احتياطية للطاقة والاتصالات تضمن استمرار الخدمة دون انقطاع حتى في فترات الصيانة، والتطابق مع معيار الذي يعد من أكثر المعايير صرامة فيما يتعلق بأمن المعلومات، والبنية الكهربائية، وأنظمة التبريد، والربط الشبكي، مما يجعل المركز بيئة موثوقة لاستضافة أكثر التطبيقات والأنظمة حساسية، وكذلك توفيره نقطة تبادل بيانات محورية تربط بين مقدمي خدمات الإنترنت والمشغلين المحليين والدوليين، مما يعزز من جودة وسرعة الإنترنت، ويقلص الاعتماد على المسارات الخارجية في حركة البيانات، وتصميم غرف الخوادم بتقنية “الغرف البيضاء” لتي تضمن أقصى درجات التحكم في الجسيمات والحرارة والرطوبة، مما يُوفر بيئة مثالية للحوسبة الحساسة والتطبيقات الحرجة..

ويمتد مركز نواكشوط للبيانات على مساحة 1372م²، ويضم طاقة استيعابية تصل إلى 100 رف لخوادم البيانات، قابلة للتوسعة – مستقبلا – لمواكبة النمو المتسارع في الطلب على الخدمات الرقمية، كما يُوفر مجموعة متكاملة من الخدمات التي تُلبي حاجات مختلف الفاعلين في السوق، من إدارات عمومية، ومؤسسات مالية، وشركات ناشئة، ومزودي خدمات، من أبرزها:

– الاستضافة السحابية داخل الحدود الوطنية، وهو ما يُمكن المؤسسات من ضمان حماية بياناتها السيادية داخل موريتانيا، مع مرونة في الوصول وسرعة في الأداء.

– خدمة النسخ الاحتياطي المؤمّن، التي تتيح نسخ البيانات الحيوية بشكل تلقائي وآمن، مما يقلل من مخاطر فقدانها.

– استمرارية الأعمال والتعافي من الكوارث، لضمان جاهزية التشغيل في أي ظرف طارئ.

– بيئة مثالية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، والتحليلات الضخمة، وتطوير البرمجيات ذات الحساسية العالية، بفضل غرفه البيضاء ومقتضياتها الهندسية المتقدمة والبيئية الدقيقة.

ويأتي مركز نواكشوط للبيانات ليُجسد هذه الضرورة من خلال:

– التحكم الوطني في البيانات، بدل وقوعها في قبضة جهات أجنبية؛

– ضمان سرية وأمن المعطيات الخاصة بالمواطنين والمؤسسات؛

– تعزيز الشفافية، وتوطيد الحوكمة الإلكترونية؛

– رفع قدرة الإدارة العمومية على تقديم خدمات إلكترونية فعالة وآمنة؛

– تحسين صورة البلد كمركز موثوق به للاستثمار الرقمي في المنطقة.

ويمثل هذا المشروع حجر الزاوية في بناء اقتصاد معرفي، متين ومستقل، يُمهّد لانضمام موريتانيا إلى نادي الدول الرقمية الصاعدة، ويُعزز جاهزيتها لاغتنام فرص الثورة الصناعية الرابعة، القائمة على البيانات الضخمة والاتصال الدائم وأنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والبلوكشين.

وأوضح معالي وزير التحول الرقمي وعصرنة الإدارة، السيد أحمد سالم بده اتشفغ، في كلمة بالمناسبة، إن تدشين مركز البيانات الوطني يشكل انفتاحا استراتيجيا على المستقبل لما يوفره من أدوات رقمية تسهم في بناء واقع متقدم نصنعه بإرادتنا وعقولنا.

وأشار إلى أن هذا الإنجاز يأتي تتويجا لمسار ناجح من العمل المتواصل في قطاع الرقمنة، تجسيدا لتوجيهات فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، من أجل تعزيز المسار الوطني للتحول الرقمي، وجعله أولوية حقيقية في السياسات الحكومية.

وأضاف أن هذا المركز لا يعتبر منشأة اسمنتية فحسب، بل رمزا للسيادة الرقمية، ومنارة وطنية تحفظ الذاكرة، وتعكس طموحات أمة تسير بخطى واثقة نحو التحول الرقمي، مستفيدة من تقنيات العصر وموروثها الحضاري.

وأضاف أن المركز يمثل نقلة نوعية في تأمين البيانات الوطنية، إذ يوفر بيئة موثوقة لحمايتها وتدقيقها، ويضع مفاتيح القرار السيادي في أيدينا، مما يضمن التقدم بخطى علمية واثقة نحو مستقبل رقمي آمن ومستقل.

وأشاد معالي الوزير بجهود المهندسين والمطورين وكل من ساهم في إنجاح المشروع، معبرا عن امتنانه العميق للشركاء في التنمية الذين دعموا هذا المسار الطموح.

بدورها أكدت ممثلة البنك الأوروبي للاستثمار، السيدة، اسويلتا اسويتا أهمية هذا المركز الخاص بجمع البيانات، مذكرة بأن إفريقيا تحظى بمكانة خاصة في نشاطات البنك.

وأشارت إلى أن المركز سيمكن من زيادة حاجات موريتانيا في هذا المجال، والتحسين من جودة الخدمات بصورة واضحة.

وبينت أن المركز، الممول عن طريق البنك بمبلغ 15 مليون يورو، سيساهم في جمع البيانات وتسهيل الاتصالات وستستفيد منه 10 مدن موريتانية، إضافة لبعض القرى الحدودية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى