رئيس الجمهورية يؤكد التزام موريتانيا بدعم التعاون الدولي وتعزيز الشراكات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة

أكد فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، في كلمة ألقاها خلال افتتاح أعمال منتدى صندوق الأوبك للتنمية الدولية 2025، اليوم الثلاثاء في العاصمة النمساوية فيينا، التزام موريتانيا الثابت بدعم التعاون الدولي وتعزيز الشراكات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مشيدًا بالدور المحوري الذي يلعبه صندوق أوبك للتنمية الدولية في دعم جهود التنمية في البلدان النامية، بما في ذلك موريتانيا.
وعبّر فخامة رئيس الجمهورية، عن جزيل شكره وتقديره للصندوق ولرئيسه معالي الدكتور عبد الحميد الخليفة، مثمنًا حسن تنظيم هذه الدورة وما توفره من منصة رفيعة لتبادل الرؤى حول سبل تعزيز التعاون الدولي لخدمة التنمية المستدامة، معتبرا أن العالم يمر بمنعطف حاسم يعيد صياغة بعض القواعد والمبادئ، في ظل تنامي التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، مما يتطلب تعزيز التكامل وتبادل الخبرات وبناء شراكات ترتكز على الثقة والشفافية.
وفيما يلي نص كلمة فخامة رئيس الجمهورية:
“معالي الدكتور عبد الحميد الخليفة، رئيس صندوق أوبك للتنمية الدولية،
– أصحاب المعالي والسعادة،
– السيدات والسادة،
يسرني، بداية، أن أعبر عن جزيل شكري وعظيم تقديري لصندوق أوبك للتنمية الدولية، عموما، ولرئيسه، معالي الدكتور عبد الحميد الخليفة، على الدعوة الكريمة، مهنئا إياه على ما اتسمت به من إحكام، ودقة تنظيم، هذه الدورة الرابعة من منتدى صندوق أوبك للتنمية الدولية.
وإن هذا المنتدى ليشكل اليوم منصة دولية رفيعة المستوى لتبادل الرؤى بخصوص تعزيز التعاون خدمة للتنمية المستديمة.
ويعكس اتخاذ هذه الدورة من العمل على إحراز “تحول يُمكّن لمستقبل أفضل”، شعارا لها وعيا عميقا بطبيعة وحجم التحديات التي تواجه بلداننا النامية.
كما يبين تركيزها على محاور أربعة مترابطة، تؤسس لهذا الهدف، عن إصرار الصندوق على الإسهام بفعالية، في صياغة ودعم تنفيذ حلول تدفع باتجاه مستقبل تنموي أكثر شمولا، وعدالة، واستدامة، وذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي.
فما يمر به عالمنا من منعطف حاسم، يعيد تدريجيا، صياغة بعض قواعده، ومبادئه، وما يواجهه من تحديات متنوعة، متعاظمة، في جسامتها، ليوجب منا جميعا، تعزيز التكامل، وتبادل الخبرات، وبناء شراكات قوامها الثقة والشفافية.
ومن هذا المنبر، أجدد التزام موريتانيا، بالعمل المشترك، وبدعم رؤية صندوق أوبك، بخصوص بناء عالم تتحقق فيه لكل الشعوب أهداف التنمية المستديمة. كما أثمن عاليا، الدور الريادي الذي يضطلع به الصندوق، في تعزيز الشراكة بين دول الجنوب، وفي دعم جهود التنمية بالعديد من البلدان النامية، ومن بينها بلدنا الذي استفادت بعض قطاعاته الحيوية كالطاقة، والمياه، والبنية التحتية من دعم فعال ومشكور.
ونُشيد كذلك بالعناية التي يوليها المنتدى لاستدامة الموارد، وإحراز التحولات الشاملة، وتمويل التنمية، وترقية الإمكانات الرقمية والقدرات البشرية، مؤكدين استعدادنا للعمل مع كل الشركاء، في سبيل إنجاح هذا التحول، وتسريع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
أصحاب المعالي والسعادة،
السيدات والسادة،
إن رؤيتنا التنموية في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، رؤية طموحة، ترتكز على استراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك، وهي استراتيجية وطنية شاملة، تهدف إلى تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وتعزيز العدالة الاجتماعية، والتسيير المستدام للموارد وتطوير البنى التحتية، مع إيلاء عناية خاصة للشباب والنساء وللفئات الأكثر هشاشة، ولتطوير رأس المال البشري، بوصفه المحرك الأساس لكل تحول تنموي فعّال.
لا يمكن الحديث عن تنمية حقيقية دون إدارة مستدامة لمواردنا الطبيعية، ولذا عملنا على تعزيز التكامل بين القطاعات الإنتاجية كالطاقة، والمياه، والزراعة، من خلال مشاريع زراعية ومائية صديقة للبيئة، وتوسيع الاعتماد على الطاقات المتجددة، خصوصاً الشمسية والهوائية، بما يعزز المرونة الاقتصادية ويُحسن من استخدام مواردنا الوطنية.
وإدراكا منا بأن حشد الموارد العمومية والخصوصية، محليا ودوليا، عنصر حاسم في تنفيذ أي أجندة تنموية طموحة، أجرينا في إطار هذه الاستراتيجية، إصلاحات هيكلية هامة، مكنت من إحراز تقدم ملحوظ، على مستوى ضبط التوازنات الكبرى، وتحسين مناخ الأعمال، وتكثيف الاستثمارات في القطاعات الإنتاجية، خصوصاً في مجالات الطاقة، والزراعة، والصيد، والرقمنة، وهو تقدم أشاد به شركاؤنا الدوليون، وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي، في تقريره الأخير.
كما عملنا، على الاستفادة مما تتيحه الثورة الرقمية من آفاق غير مسبوقة، لتحقيق التنمية السريعة والمستدامة، فأطلقنا عدداً من المبادرات لتعزيز التحول الرقمي، وتحديث الإدارة، وبناء قدرات الشباب في المجالات التقنية، بما يُؤهلهم للمشاركة الفاعلة في الاقتصاد الرقمي العالمي.
وتفتح مختلف الإنجازات التي تحققت في إطار استراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك، فرصا استثمارية واعدة، في العديد من القطاعات كالطاقة المتجددة، والمعادن الخضراء، والموارد البحرية، والزراعة المستدامة، يعززها موقع بلادنا الاستراتيجي على ضفاف الأطلسي، الذي يؤهلها لأن تكون منصة لوجستية إقليمية بامتياز.
وإذ أجدد الدعوة للمستثمرين، والمانحين، إلى استكشاف هذه الفرص الاستثمارية الكبيرة، لأرجو لأعمال هذا المنتدى، أن تكلل بالنجاح، وأن تسفر عن مبادرات ملموسة، تُسهم في بناء عالم تكون التنمية فيه شاملة، عادلة ومستديمة، كما تطمح إلى ذلك شعوب الدول النامية، ويعمل على تجسيده صندوق أوبك للتنمية الدولية.
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.