خطاب وادان التاريخي المؤثّر /المصطفى ولد أحمد معاوية

سبت, 2021-12-11 13:39

النسخة العاشرة من المهرجان السنوي لمدن التراث أو مدائن التراث المنظمة حاليا فى وادان أثبتت تميزها لا من خلال أهداف هذه التظاهرة الثقافية و نمط فعالياتها وتنوعها فحسب ؛ بل من خلال تخصيص أكثر من ثلاث مليارات أوقية قديمة لتمويل مشاريع تنموية محلية تسهم فى تحسين ولوج السكان إلى الخدمات الضرورية؛ تأسيسا لتنمية منسجمة مع خصوصيات المدينة ؛ خلافا لما كان يحصل إذ ينقضي الحدث و يطوى بكل آثاره و يتم نسيانه بانتهاء الفعاليات. و سيسجل التاريخ لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني الخطاب الذى آذن به افتتاح فعاليات هذا المهرجان ؛ وهو الخطاب المتميز شكلا و مضمونا و إلقاء ؛ حيث كانت المضامين رائعة الأسلوب قوية السبك بليغة الصياغة احتلت القضية الجوهرية صدارته و شغلت حيزا مهما منه ؛ فأيُّ قضية أكثر إلحاحا فى الظرف الحالي من تعزيز النسيج الاجتماعي و نبذ التمييز الفئوي الذى يغذيه دعاة التفرقة و يبشرون به. كان رئيس الجمهورية صريحا فى عباراته المؤثرة " ‏يحز في نفسي كثيرا ما تعرضت له هذه الفئات في مجتمعنا تاريخيا من ظلم ونظرة سلبية ..." و إذا كانت مدينة وادان كما وصفها رئيس الجمهورية فى الخطاب مصدر إشعاع حضاري واسع الانتشار ؛ فإن هذا الخطاب القيّم شكل مصدر إلهام للغيورين على وحدة هذا الوطن ولُحمة شعبه لترسيخ عقد اجتماعي مرجعيته ديننا الحنيف؛ يقوم على إنصاف الفئات التى ساهمت بجدارة - رغم الطبيعة القاسية - فى حفظ منظومة التراث الوطني النفيس. ولكنها عانت من نظرة هوان جائرة. إنها دعوة صريحة غير مسبوقة لتغيير الصورة النمطية تجاه رواد الإبتكار و الإنتاج ممن سطروا بأناملهم جزءا غير يسير من تاريخ البلد و لتطهير تاريخنا من رواسب ظلمٍ ضحاياه عانوا من سلبيات أحكام مجتمع اعتباطية مسبّقة؛ و من شأن هذا التطهير أن ينشر خطابا و مسلكيات تعزز اللحمة الوطنية و تصد دعوات التشظي الاجتماعي التى تشجعها بصفة غير مباشرة القبلية التى دعانا رئيس الجمهورية جميعاً إلى الوقوف في وجه نفَسها المتصاعد والمنافي لمنطق الدولة الحديثة حرصا على تعزيز الوحدة الوطنية ، وحماية للفرد وصونا لكرامته وحقوقه فى كنف دولة قانون حديثة تحمى هذه الوحدة و تصون حرية جميع المواطنين و تكفل مساواتهم بقوة القانون ، بمعيارية الانتماء الوطني فقط. و المؤكد أن هذا العهد متميز هو الآخر برفع المظالم على اختلافها ؛ يكفى أن تصل المظلمة إلى السلطات العليا للبلد واضحةَ الأدلة ؛ لتجد طريقها سريعا للحل ؛ و الأمثلة كثيرة حاضرة . إنها سمَة قائد يسوس الرعية و يوطد أركان العدالة الاجتماعية و يواءم بين مختلف مكونات شعبه ؛ فى كنَف تجسيد مفهوم الدولة الوطنية و إعادة الاعتبار لهذا المفهوم فى أبرز مضامينه و معانيه . إنه عهد تنفّس فيه الصعداء من تعرضوا للحيْف و الظلم حين وجدت مظالمهم من يردها إليهم و من يعيد إليهم ما فقدوه من حقوق إنسانية بسبب ظلم المجتمع و أحكامه غير الموضوعية ؛ إيمانا من قائد البلد بأن موريتانيا تسَع جميع أبنائها و تحتاج الجميع ، و أن العدل أساس الملك. و يحدونا الأمل فى جو التهدئة السياسية الذى أرساه رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني أن تجد هذه الدعوة الصادقة آذانا صاغية من مواطنين غيورين على بلدهم سبيلا لبناء مجتمع متعايش يحقق التنمية و يكسب الرهان.