الغد العربي نت : هل تبرئ أوروبا ذمتها من التواطؤ فى برنامج التعذيب الأمريكي ؟

أحد, 2014-12-14 19:31

" . . . في ظل حكم الرئيس بوش، كانت (سي آي إيه) قد استخدمت شبكة عنكبوتية واسعة من المطارات والقواعد الجوية الأوروبية لتسيير رحلاتها الجوية الاستثنائية الخاصة بتسليم السجناء، ناقلة بشكل سري أولئك المشتبه بتورطهم في الإرهاب عبر الحدود للتحقيق معهم. وتجدر الإشارة إلى أن بعض الدول الأوروبية ساعدت وكالة الاستخبارات المركزية في تنفيذ عمليات الاختطاف. وتولت دول أخرى استضافة "المواقع السوداء" للوكالة -من الناحية الفعلية، غرف التعذيب- في أراضيها. ومما لا شك فيه أن التلخيص المحرر الذي يقع في 600 صفحة للتقرير المكون من 6000 صفحة، والذي نشرته يوم الثلاثاء الماضي لجنة المخابرات التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي، سوف يخضع للتمحيص لرؤية ما قد يكون قد كشف عنه من انخراط للقارة الأوروبية في هذه الممارسات السيئة.
كان المحقق الخاص من مجلس أوروبا، ديك مارتي، قد خلص في العام 2007 إلى أنه كان ثمة "حجة داحضة للقول" بأن هناك سجوناً أميركية سرية قد وجدت في بولندا ورومانيا. وأضاف أن "الإبعاد والنقل غير القانوني للمشكوك فيهم من جانب فرق الاختطاف التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في أوروبا" ارتقت إلى "انتهاك جماعي وممنهج لحقوق الإنسان".
بعد هجمات 11/9، تقربت (سي آي إيه) من حلفائها الأوروبيين عندما باشرت تنفيذ عمليتها في الاعتقال والتسليم الاستثنائي. وكان الهدف من ذلك هو وضع المعتقلين في أماكن لا يصل فيها إليهم القانون. وجعلت المشاركة النشطة لدزينات من الحكومات الأجنبية حالات التسليم والتحقيقات ممكنة. فكم هو عدد الدول في أوروبا التي سيتم الضغط عليها راهناً من أجل إماطة اللثام عن المدى الكامل لانخراطها في هذه العمليات؟
حتى هذا اليوم، فإن المدى الفعلي الحقيقي للتواطؤ الأوروبي في هذه الأعمال يظل غير معروف. ويعود هذا إلى السرية المطلقة التي تم الحفاظ عليها لأعوام من جانب الولايات المتحدة والحكومات الشريكة لها. ولم يسبق لواشنطن أبداً أن أكدت موقع السجون السرية لوكالة الاستخبارات المركزية، ولا سمّت الحكومات التي تعاونت، ولا حتى سمحت في الحقيقة بنشر المادة التي نشرت للتو. وبعد مرور عقد على تلك الأحداث، لي هناك تقرير شامل معلن حول الموضوع. 
لكن بعض الحقائق قد تأسست، بفضل عمل المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والبرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي. ومن الصادم أن نجد كل الذين حاولوا تسليط الضوء على الموضوع قد قالوا إن الحكومات أعاقت بقوة جهودهم، على سبيل المثال عبر تصنيف الموضوع تحت باب "أسرار دولة .

. ,,"لقد فشلت بلدان أوروبية في إجراء تحقيقات فعالة تطال الوكالات والأجهزة والمسؤولين الذين سهلوا ويسروا عمل (سي آي إيه). وكانت السويد هي البلد الوحيد الذي دفع تعويضات لضحايا عمليات التسليم الاستثنائية. وتعد إيطاليا البلد الوحيد الذي جرم فيه مسؤولون من جانب محكمة وطنية بسبب انخراطهم في برنامج (سي آي إيه) المذكور.
وفق معلومات جمعتها مؤسسات المجتمع المفتوح، ثمة 54 حكومة على الأقل تعاونت مع هذه النشاطات الخاصة بوكالة الاستخبارات الأميركية. وثمة 21 من تلك الحكومات أوروبية، كانت 17 منها في حينه أعضاء -أو أنها كانت ستصبح عضوة في وقت قريب- في الاتحاد الأوروبي.
بالإضافة إلى البلدان التي ذكرت آنفاً، تضم قائمة الدول الأوروبية التي كانت متواطئة في رحلات التسليم التي كانت تنفذها الاستخبارات الأميركية وغيرها من النشاطات غير القانونية، ليتوانيا (وثمة تلميحات قوية إلى أنه كان لدى هذا البلد "موقع أسود") والمملكة المتحدة، وألمانيا، وأسبانيا، والبرتغال، وبلجيكا، والدنمارك، وفنلندا، وأيسلندا والنمسا وجمهورية التشيك واليونان وقبرص، وكرواتيا والبوسنة والهرسك وألبانيا.
ولعل واحدة من أفضل القضايا الموثقة التي تتعلق بالاختطاف، في شوارع ميلان في العام 2003، هي قضية أبو عمر، رجل الدين المصري الذي كان قد منح اللجوء السياسي في إيطاليا. لكن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قامت بنقله سراً إلى مصر. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2009، وفي قضية فريدة من نوعها في أوروبا، جرمت محكمة إيطالية 22 متهماً بأنهم عملاء للاستخبارات الأميركية، وقضت بسجن مسؤول عسكري أميركي وناشطي استخبارات إيطاليين لخمسة أعوام على الأقل، بسبب دورهم في عملية الاختطاف. وجُرم عملاء (سي آي إيه) غيابياً ولم تتم إعادتهم إلى بلادهم.
في العام 2004 احتجز المواطن الألماني خالد المصري عن طريق الخطأ في ماسادونيا، وشحنته (سي آي إيه) إلى أفغانستان حيث اعتقل. وفي العام 2012 دانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هذا الاختطاف والاعتقال. لكن السلطات الألمانية نفت دائماً أن تكون قد نقلت أي معلومات عن المصري للولايات المتحدة.
وكان مصريان يسعيان للحصول على اللجوء السياسي في السويد، أحمد أغيزا ومحمد الزيري، قد اعتقلا سراً على يد الشرطة في كانون الأول (ديسمبر) من العام 2001، وتم تسليمهما إلى الاستخبارات الأميركية -التي أجبرتهما بالقوة على تناول منوم قبل الطيران بهما إلى مصر، حيث تعرضا للتعذيب على إطار فراش كهربائي. وفي العام 2008، وبعد التحقيقات معهما، منح المصريان 500.000 دولار لكل منهما كتعويض , . ,"