القدس العربي : معركة فلسطينية - إسرائيلية جديدة

جمعة, 2015-01-02 10:57

نشرت صحيفة القدس فى "رأي القدس"لعددها أمس 2 يناير 2015

عشرون عاما مضت على المفاوضات المباشرة وغير المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين برعاية الولايات المتحدة، والنتيجة لا شيء، فالاحتلال مستمر، والتغيير كان للأسوأ، سواء في زيادة الاستيطان أو في سياسة التهويد خاصة في مدينة القدس او تصعيد الممارسات التعسفية ضد المواطنين، او ارتفاع منسوب الاعتقالات وتكميم الأفواه أو هدم البيوت والتدمير، والقتل. 

فخلال العام الماضي استشهد 2240 فلسطيني في مناطق الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، من بينهم 2181 شهيدا سقطوا في قطاع غزة إبان الحرب الاسرائيلية الأخيرة، و58 شهيدا سقطوا في الضفة الغربية والقدس. وخلال نفس الفترة تم اعتقال 5824 فلسطينيا.

وكانت مدن الضفة الغربية حسب «مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان» في حالة استباحة تامة خلال عام 2014، ونفذت فيها توغلات إسرائيلية كثيرة أدت لوجود هذا العدد من الشهداء والمعتقلين».

من الواضح أن الحكومة الاسرائيلية وصلت لمرحلة لا ترى فيها ضرورة للتغيير والوصول لاتفاق سلام، فالمدن الاسرائيلية والاسرائيليون يتمتعون بالأمن، مستفيدين من التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، كما انهم بمنأى عن أي تحرك في الامم المتحدة بفضل الدعم الأمريكي غير المحدود، والتي كانت آخر نتائجه يوم الثلاثاء الماضي، حيث فشل مشروع قرار فلسطيني يدعو لحصول الفلسطينيين على الاستقلال في عام 2017، في أن يحظى بدعم التسعة أصوات اللازمة خلال التصويت عليه من أعضاء مجلس الأمن الدولي.

اليوم وبعد مرور واحد وعشرين عاما على اتفاق اوسلو يحاول الفلسطينيون العودة الى الامم المتحدة، وبدأوا معركة جديدة بتوقيع طلب الانضمام الى منظمات واتفاقيات دولية، أهمها طلب الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية، مما سيتيح ملاحقة مسؤولين اسرائيليين امام القضاء الدولي في الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني من اغتيالات واستيطان وهدم وعدوان.

خطوة التوقيع على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تم تأجيله طويلا، حيث كان من حق الفلسطينيين الانضمام لاتفاقية روما منذ أواخر عام 2012 حين حصلوا على وضع «الدولة المراقب غير العضو» في الجمعية العامة للأمم المتحدة. 

هذه الخطوة دفعت اسرائيل للاستنفار لمنازلة دبلوماسية جديدة بدأت بطلب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو من المحكمة الجنائية الدولية رفض الطلب الفلسطيني متحججا بأن السلطة الفلسطينية ليست دولة بل كيان «متحالف مع تنظيم ارهابي هو حركة حماس التي ترتكب جرائم حرب». ومهددا بالسعي إلى مقاضاة الزعماء الفلسطينيين في المحكمة الجنائية الدولية عن الهجمات السابقة للنشطاء الفلسطينيين أو فرض عقوبات اقتصادية جديدة على الحكومة الفلسطينية التي تواجه ضائقة مالية، وهو ما هدد به ايضا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي أبلغ الفلسطينيين في احاديث غير رسمية ان اي تحركات للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية قد تعرض للخطر معونات أمريكية سنوية تقدر بنحو نصف مليار دولار.

هذه المعونات تم حجبها او التهديد بحجبها مرارا، ردا على حملات فلسطينية سابقة في الأمم المتحدة، وأصبح من الواضح أن موقف الولايات المتحدة لم يتغير أبدا بوقوفها بجوار المستعمر الغاصب، ومن الخطأ الاعتماد او توقع أي تغيير في مواقف واشنطن مهما تبدلت الوجوه في الخارجية او حتى في البيت الأبيض.

المطلوب اليوم من القيادة الفلسطينية ان تظهر للعالم ولواشنطن على وجه خاص أن ما يهم الفلسطينيين اليوم هو الحقوق والمصير والارض، وليس استجداء المعونات.

ترافق الهجوم الأسرائيلي والامريكي على السلطة الفلسطينية، بخطوات ايجابية وارتياح في الشارع والفصائل الفلسطينية، وهو ما يجب ان يتم البناء عليه، فقد اعتبرت حركة حماس توقيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية خطوة «في الاتجاه الصحيح». المعركة الدبلوماسية التي تنتظر الفلسطينيين خلال الفترة المقبلة ستكون صعبة جدا وتحتاج لتضامن فلسطيني كما تحتاج لقانونيين فلسطينيين وعرب اكفاء، لكي يشفوا غليل امهات الشهداء واطفال المخيمات وضحايا المستوطنين، والجلادين في المعتقلات.

 

رأي القدس