للإصلاح كلمة تتعلق بأنواع الإرهاب . .. محمدو ولد البار

سبت, 2015-01-17 23:02

كلمة الإصلاح هذه المرة استمعت جيدا إلى ما وقع في باريس من الهجوم على جريدة شرلي آيد .. واستـنجت من ذلك الهجوم وآثاره أن العالم يحتضن ارهابـين كل واحد منهما نتيجة للآخر ، إرهاب راق ومتحضر ومحترم وتحـتضنه أوربا وأمريكا وهـدفه الإسلام وإرهاب هـمجي بدوي حـقـيـر

 

 كل هذه الأوصاف في نظر العالم  .

فالإرهاب التي تحتـضنه أوربا وأمريكا واسرائيل ويصدر أقوالا وأفعـالا ومواقف ضد المسلمين وتـقع أفعاله بالطائرات بطيارين وبدون طيار .

أما أرضه الخصبة لتـنـفيذه فهي كل شبـر يسكنه مسلم سواء كان عربيا أو أعجميا ، أما تمويله والإفساح له على أرض المعركة يقع على عاتـق من أغـناهم الله من خيرات أرضه ممن أطـلـقوا على أنفسهم في آخر الزمن الانتساب للعرب في غيـبة ما كانت تـدل عـليه كلمة العربي من إباء للـضيم وشرف في النفس وسمو في الأفعال والبعـد عن الإذلال والإهانة والاحـتـقار بدل أوصاف عظيمة أختارهم الله لأجلها لحمل آخر رسالة من السماء إلى الأرض الشامـلة لما بيـنهما من ساكنة من أنس وجن إلى يوم الوقوف أمام خالقهم عـند الملأ الأعلى .

أما الإرهاب الهمجي البدوي الحقير هو الذي تـقوم به جماعة من العرب والعجم تنسب نفسها للإسلام ووجـدت نفسها محاصرة بالإرهاب الراقي المتحـضر المحترم الممول من أموال بني جلدتها وعــقيدتها وهمه الوحيد هو القضاء على العـقيدة الإسلامية إن لم يكن بإزالتها من أصلها فإفـراغها من محتواها وهو مسألة عـدم اعـتـقاد أن هناك يوما ستجـد فيه كل نفس ما عملت من خيـر محضرا وما عملت من سوء ¬تـود لو أن بـينها وبـينه أمدا بعـيدا ويحذركم الله نفسه)) .

إلا أن هذه الجماعة العربية العجمية التي نسبت نفسها للإسلام أفسحت بينها مكانا للشيخ النجدي ليحضر اجتماعاتها ويـفسر لها الإسلام تـفسيرا لا يتماشى مع نصوصه التي تطلب من المسلم أن يتكـيف بدعـوته مع كل موقف طبقا للطريق المستـقيم الذي يدعوا إليه الإسلام والمشار إليه بمعالم تجـعـل المسلم لا يصطدم بأي عـراقيل تعـيقه من تـبـليغ رسالته الذي كـلف بإبلاغها بالحكمة والموعظة الحسنة .

ومن هـنا أريد أن أعود إلى الوراء لـنـتـذكر متى بدأ هذان الإرهابان وما سبـبهما ، فـمن الملاحظ في أوضاع العالم من السبعينات أن أول مجابهة بين المسلمين وأعدائهم هو جهاد المؤمنين حقا وهم الشعـب الأفـغاني للروس ذلك الجهاد الذي لـفت نظر كثير من المسلمين ليمتـثـل قوله تعالى : (( ون استـنـصروكم في الدين فعـليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميـثاق )) واستـبسل كثـيـر من المجاهدين العرب في ذلك الجهاد حتى هزموا الروس بذلك الجهاد الموفق شـر هزيمة .

ثم ظهرت بإلحاح قضية فلسطين التي احتـلها العـدو الصهيوني بعـد سقوط الخلافة العثمانية التي كانت لا تساوم في دخول اليهود إلى أرض فـلسطين وعـندما استـلم العرب الحكم في الجزيرة والشام ومصر والعراق ومعلوم أن شعوب كل هذه الدول من المسلمين انتصب عـلى رأسها مع الأسف قادة يقولون ولا يفعلون وقصارى همهم هو البقاء على الكراسي بأي ثـمن وسموا أنفسهم زورا وبهتانا بالجامعة العربية واتفقت سيرتهم ( بدون أن علي أي تعـاون في ما بينهم ) على حب البقاء على الكراسي وعـلموا أن ذلك مرهون  بالارتماء في أحضان الغرب سادة وهدفا واستـجداء و تـقـليدا فـتركوا بين اليهود وأوربا وفـلسطين . .

وبما أن الغرب هو الذي خرجت من رحمه إسرائيل ليزرعها بين الدول العربية فقد جعلت الدول العربية من هـدفها تقوية عـلاقتها مع الغرب حتى نزعت من ضميرها أي عطــــــف أو تعاون مع الشعب الفلسطيني العربي المسلم اللهم إلا شعارات  جوفاء تـنفخ في الهواء وتنفخ الريح في مضمونها ليملآ  صوته ما بين السماء والأرض ثم يكون سرابا .

ونـتيجة لهذا  الفكر والعمل الأسود لقادة العرب ظن رجال وعلى رأسهم أسامة بن لادن رحمه الله أن الركيزة التي تـرتـكـز عليها اسرائيل هي أمريكا وارتأى أن يضربها في عـقر دارها ولا سيما بـرجها التجاري مما سيجعـل أمريكا تراجع قضيتـها من المساعــــــــــدة اللامحدودة للكيان الصيهوني إلا أنه مع الأسف كان أنذاك على الشعب الأمريكي شيطان مريد اسمه بوش فهز بهده الضربة عروش جميع القادة حتى ظنوا أنه هالكهم فاستسلموا له جميعا واضعين تصرفاتهم وما يملكون من الأموال الكثيرة  تخت تصرفه وأعطاهم اسما لكل من يريد الانـتـقام للإسلام والمسلمين وسماه الإرهاب ومن ذلك الوقت بدأت أمريكا والغرب يحاربون المسلمين حتى ولو لم يحاربونهم  .

وعـندما لم يـبـق لتـلك الجماعات إلا مركب الرماح فقاموا بركوبها بالرغم منهم إلا أنه مع الأسف ذهب إليهم كل من هانت عليه الدنيا ورغب في الآخرة على وجه الشهادة إلا أنهم لم يسـلـكوا لذلك الطريق المستقيم الموجود معالمها في هذا الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تـنـزيل من حكيم حميد .

فالإسلام لم يـبح ولم يأذن تحت أي ظرف من الظروف في قـتـل البرئ مهما كان دينه واعـتقاده ولو لم يكن له دين أو موقف لا يترتب عليه ضرا للمسلمين (( فإن اعــتـزلوكم ولم يقاتـلونكم وألقوا إليكم السلم فما جعـل الله لكم عليهم سبـيـلا )) .

وعـندئذ صارت المعادلة ثلاثية هكذا  :

فـئـة تتمثـل في أمريكا والغرب مصرة على قـتـل المسلمين بكل وسيلة ولم تـقـبـل منهم أي مصالحة ولا اعـتـذار ولا مهادنة لأننا نعلم جميعا أن القاعـدة طـلبت  في وقت مضى وأعـلنت لأوربا المهادنة والتعايش السلمي ولم تـقـبـل أمريكا ولا أوروبا هذا التصالح ولا المهادنة بل أعـلنت عزمها على استـئصال كل من يطلق عليه اسم القاعدة ولو في أبعـد نقطة عنه بل جراء ذلك الحقـد غزت العراق وفعـلت فيه من الإرهاب هي وإبرطانيا ما لم يفعـله فرعون بإسرائيل فـقـتلت العائلات بعدما غصبت نساءهم وأحرقـتهم بعـد الاغتصاب هن وذووهم : فهل بعد هذا من إرهاب .

وفـئـة تشبعـت بالفكـر الجهادي الذي فسرته حسب اعتـقادها وتـيـقـنت أن الشهادة متحققة من تطبـيقه وأصبحت تدعوا إليه كل من  قبـل أفكارها ، وبما أن أمريكا والغرب أعـلنوا جميعا مطاردتهم وقـتـلهم حيث ما وجدوا ففي المقابـل عزمت هذه الجماعة ألا تـقـصر في طلب الشهادة بقـتـلهم بأي قـتـلة كانت .

وفـئـة  أخرى هم رؤساء الدول العربية في الجزيرة ـ بدون قطر طبعا ـ والشام أولئك الرؤساء الذين أسلموا أنفسهم وأموالهم  لحفظ كراسيهم للأمريكيـين والأوربـيـين حتى يخـيـل للمرء أن جميع تـلك الفئة التي اختارت الجهاد حسب اعتـقادها لا تمت إليهم بصلة مع أنهم جميعا أبناء الأمة العربية والإسلامية وكانوا هم أولى بإرشادهم ومقاتـلتهم إن كان الإسلام يـبـيح قـتـالهم .

فلماذا لا تـعـلن كل دولة لأبنائها الإذن بالرجوع إليها وأنها ستستدعى لهم علماء مقـتـدرين للبحث معهم فيما يأمر به الإسلام أو ينهى عنه في الموضوع ، فإن اقـتـنعوا فنعما هي وإن لم يقـتـنعوا وجلسوا بأفكارهم غـيـر مضارين لأحد في معامـلتهم للمسلمين ومسالمين  لغيرهم فهم جزء من الأمة وإن لم يقـتـنـعوا وقاتـلو فيكون قـتـالهم عـندئذ مشروعا، فتركهم فريسة للأمريكـيـين والأوروبـيـيـن يقـتـلونهم حيث ما وجدوا ولا يقـبـلوا منهم أي صلح ولا مهادنة فهذا عار الدنيا وعذاب الآخرة لأولئـك  الرؤساء المسلمين .

ومن ما يندي له الجبـين ويستغربه المسلم ويتعـوذ من بلوغه من ميتة القـلب والضمير والحس الإنساني والإسلامي هو كون الأمريكيـين والأوربيـين بعـد ما ينـتهوا من تعـذيب المسلمين ويريدون أن يعـيدونهم إلى بـلدانهم تمتـنع تـلك البلاد المسلمة من تسلم أبنائها حتى أن بعضا من الأمريكيـين والأوروبـيـين يستحيـون من إرسال الأشخاص إلى دولهم خوفا  عليهم من تعذيـبهم أكثر من ما تسمح به ضمائرهم من التعذيب .

وعلى كل حال وبعد هجوم أولئك الفدائيـين على مجلة شارلي أبدوا ومناداة العالم بإجرام هذه العملية وأنها الإرهاب الأكبر الذي ما بعده إرهاب وخذلان أولئـك الذين شاركوا من المسلمين والعرب في تـلك المظاهرة التمساحية النفاقية فإنني أود هنا أن أشير للعالم بهذا السؤال : من هو الإرهابي وما هو عـمله؟

وأقول للأوربيـين بما فيهم أمريكا إن قوتهم المادية لا يمكنها أن تقضي على تصرف فدائي أو فدائيين أرادوا الانـتـقام  من إرهابهم .

إن أكبر إرهاب هو الإرهاب الذي كان يقوم به الحلف الأطلسي في أفغاـنـستان فإذا عـد ما قـتـلوا في سنواتهم تـلك من النساء والأطفال والشيوخ وكم يتموا من أطفال وأيمو من نسوة لوجدناهم قضوا على سكان قرى بأكملها .

كما أن الإرهاب هو ما قامت به اسرائيل من قـتـل لثلاثة آلاف طفل وكذلك مئات النساء ودمرت كثيرا من البـيوت فهذا هو الإرهاب بعينـه أولا إرهاب .

وكذلك فإن الإرهاب الواقع بـبرودة أعصاب هو استعمال أمريكا للنقض لتحديد زمن استقلال فلسطين وأن التصريح المهين المقـزز هو الذي صدر بعد ذلك من الامتناع عن دفع المعونة للمنظمة إذا اشتـكيت للأمم المتحدة فكأنها تـقول لفـلسطين لا تستــقـلي ولا تـشـتكي وقري في مكانك بين اسرائيل تـقـتـل وتسجن كيف تشاء ، وأكبـر إهانة وتقززا هو سكوت أعضاء الجامعة العربية على ذلك ، كأن مواقف الأمريكيـين والأوروبـيـين وحي ينزل عليهم وجوابه  دائما سمعنا وأطعنا نحن تحت أمرك يا أمريكا وأوروبا فكرامتـنا واباؤنا ودينـنا نبـذنا الجميع وراء ظهورنا من يوم سلمنا لكم زمامنا .

ومن ما يدل على هذا التغـطرس من طرف أمريكا وأوروبا وخذلان وخور الدول العربية هو تهديد كل من ايطاليا وفرنسا للتدخل في ليـبـيا فيا للوقاحة .

فبعـد هذه الهجمة على تـلك الجريدة التي سموها الإرهاب تـعلن كل من إيطاليا وفرنسا عزمهما على التدخل في ليـبـيا ، ومع ذلك إذا قام فدائي ليـبي وهجم على أي مصلحة من مصالح هاتين الدولتـين في عـقر دارهم فسيقولون هذا إرهاب العرب والمسلمين .

وخلاصة القـول أن أكبر إرهاب هو ما تـقوم به دول : أمريكا وأوروبا ضد المسلمين ، وأن إرهاب الإسلام كما يسمونه سيـتـوقف عندما تـتـوقف أمريكا وأوروبا عن مطاردة المسلمين في بلاد الإسلام كما تـقول الجماعات دائما  .

فعـندما تـنـتـهي أمريكا من مطاردة القاعدة فلاشك أن القاعـدة سوف لا تـكرر هجمتها عليها لأن سبـبها كان مساعـدتها لاسرائيـل واسرائـيل الآن أكبر مساعـد  لها هو الدول العربية ولاسيما جمهورية مصر التي عليها إذا ذكرت الآن اسرائيل بالاسم أن تـقول دولة اسرائيل الشقيقة وصديق الصديق  صديق ومعروف من هم أصدقاء مصر الآن .

فإذا كان العالم يفضل أن لا يبقي إرهابا على وجه المعمورة فيقول لأمريكا وأوروبا أن تنسحب عن ما وراء البحار فالاستعمار انتهى وتنـتـهج نهج الصين لا قـاتـل ولا مقـتـول وتـترك بين المقاتـلين ودولهم فأيهم حكم فـليتعاملون معه معاملة الاحترام المتبادل    .

وأن على جميع الدول العربية الإسلامية أن تجلس هي ومواطنيها على مائدة واحدة وتضع الإسلام بين أيديهم ومن قـتـلته الشريعة فلا أحياه الله ، وأن تعلم الدول العربية أنها أصبحت من المهانة والذل والهوان ما لا يتحمله أي ضمير ينسب إليها .

فاسرائيل وإيران هما أقوى دولة في المنطقة والدول العربية أصبحت فراخا تـرتـعد فرائصها وأكبر دولة فيها هي جمهورية مصر العربية الحاضنة لمقر الجامعة العربية وهي الآن نعوذ بالإسلام وبكل المسلمين من ما أصابها فهي الغارقة إلى الودجـين بالقـتـل والإرهاب لشعبها وانتهاك كل حرماته مقابـل الإخلاص والتودد والحماية لأعدى عـدو للمسلمين والعرب بنص القرآن الكريم (( لتجدن  أشـد  الناس عـداوة للذين آمـنوا اليهود والذين أشركوا )) .