معاريف : المعركة مع الكونغرس سياسة داخلية صرفة و ليست سياسية خارجية

جمعة, 2015-01-23 09:12

 لا شيء يغيظ البيت الابيض اكثر من تدخل الزعماء الاجانب في الشؤون الامريكية الداخلية. بالطبع، باستثناء تلك الحالات التي يؤيد فيها الزعماء الاجانب موقف البيت الابيض. وعليه، فعندما هاتف رئيس الوزراء البريطاني اعضاء كونغرس امريكيين لاقناعهم بعدم تأييد قانون عقوبات جديدة ضد ايران، لم تنطلق اي تغريدة احتجاج من جهة الرئيس. ولكن يمكن التخمين بانه اذا ما هاتف رئيس وزراء آخر، لدولة صديقة اخرى، لتحقيق هدف معاكس – اي، لاقناع اعضاء الكونغرس بتأييد القانون، فان الاحتجاج كان سينطلق، حادا وواضحا. لقد سخنت المعركة على قانون العقوبات الجديد هذا الاسبوع، لدرجة الغليان تقريبا. فمن جهة، الرئيس اوباما الذي يسترد قوته. ومن جهة اخرى، الكونغرس الذي تحت سيطرة جمهورية. لا حاجة لرئيس وزراء اسرائيل ان يهاتف احدا، فموقفه معروف. وواضح أنه في الجولة الاولى على الاقل هناك احتمال في أن ينتصر موقفه: فمجلس النواب ومجلس الشيوخ سيقران قانون عقوبات جديد، يتضمن آلية تأجيل حتى الصيف، حين ستدخل الى حيز التنفيذ، اذا ما فشلت محادثات النووي، خطوات العقاب. السؤال المشوق هو ماذا سيحصل في الجولة الثانية. لقد سبق ان اعلن الرئيس اوباما – بما في ذلك أول أمس في خطاب عن وضع الامة – بانه سيستخدم الفيتو ضد هذا القانون. وقد استخدم اوباما حتى اليوم هذه الوسيلة، الفيتو، مرتين فقط في ست سنوات. وفي الحالتين صفى الفيتو القانون. بمعنى، ان السؤال الكبير في هذه اللحظة هو اذا كانت هناك اغلبية كبيرة بما يكفي في الكونغرس للتغلب، لاول مرة في ولاية الرئيس، على الفيتو. الحساب معقد، تفصيلي. اذا أيد كل الجمهوريين في مجلس الشيوخ القانون، ستكون حاجة الى 13 سناتورا آخر من الحزب الديمقراطي للتغلب على الفيتو. في جولات سابقة ايد مشروع القانون لتشديد العقوبات 12 سناتورا ديمقراطيا. ولكن ولكن ليس مؤكدا انهم جميعهم لا يزالون يؤيدون موقفهم السابق، وحتى لو كان كذلك، فلا يزال ينقص سناتور واحد. سبق للرئيس أن اثبت بانه لن يتردد في استخدام الوسائل الخطابية كي يمنع مجلس الشيوخ من ربط يديه في المفاوضات مع ايران. وفي الاسبوع الماضي اقترب من المنطقة الخطيرة حين قال لمجموعة من السناتورات انه يعرف بان عليهم ضغطا من “المتبرعين” لتأييد قانون العقوبات. وهناك من سمع كلمة “متبرعين” وفهم انهم “يهود”. وهناك من سمع كلمة “متبرعين” فغضب، مثل السناتور الديمقراطي بوب مننديز من نيوجيرسي، الذي يخوض منذ سنين كفاحا لتشديد العق ولم يقدر على نحو خاص ادعاء زعيم حزبه الذي يفهم منه بان هذا كفاح غير موضوعي. اوباما هي معركة على السياسة – خشية ان تخرب قانون العقوبات على المفاوضات ولكنها بقدر لا يقل عن هذا معركة على الصلاحيات – من هو الذي يسيطر على السياسة الخارجية الامريكية، الرئيس أم مجلس الشيوخ. مسألة السياسة يوجد لاسرائيل موقف واضح، يجدر بها ان تعبر عنه بصوت عال: قانون العقوبات الذي يسن الان ويفعل  مع فشل المفاوضات هو أمر صحيح. اما اوباما بالطبع، فلن يستطيب هذا الموقف. ولكن ثمة امورا يجدر باسرائيل أن تقولها، بصغية مناسبة وبشكل محترم، حتى عندما لا تكون لطيفة على اذان الرئيس. وبالمناسبة، سيكون جميلا اذا ما فعلت المعارضة الكفاحية هي الاخرى ذلك ايضا. فهي الاخرى، او هكذا على الاقل كان دارجا، تؤيد العقوبات على ايران (ام لعلها لم تعد كذلك؟). مسألة المعركة على الصلاحيات ايضا يوجد لاسرائيل ما تفضله: الكونغرس اكثر راحة لها من الرئيس الحالي الان، وعليه فسيكون أكثر راحة أن يكون للكونغرس ايضا تأثير على سياسة الخارجية الامريكية. ولكن من هذه المعركة ينبغي لها أن تفر كما يفر المرء من النار. فهذه معركة سياسية داخلية صرفة، وليست سياسية خارجية. هذه معركة مؤسساتية، قانونية، شخصية، حزبية. من نوع المعارك التي من شأن التدخل فيها ان يظهر كتجاوز خطير للحرية. لن يكون سهلا الاعراب عن موقف في موضوع ما دون الانجرار الى الاخر ايضا. لن يكون سهلا عمل ذلك بشكل يكون واضحا للناخب الامريكي ايضا ولا يعرض صورة اسرائيل للخطر. يبدو أن نتنياهو يفعل هذا. فلنرى هرتسوغ.