القدس العربي : ماكرون و النزول من الشجرة العالية

ثلاثاء, 2020-10-27 23:42

فى القدس العربي كتب الإعلامي محمد كريشان :

حرية المعتقد واحترامه ليست مزحة.
حق الحياة ليس لعبة.
حرية التعبير ليست مطلقة العنان.
بتفصيل أكبر وبمتابعة لما يجري في فرنسا هذه الأيام يمكن قول الآتي:
لم يكن حكيما ولا مناسبا ما أطلقه الرئيس ماكرون من اتهامات ضد الإسلام، وليس بعض المسلمين، فقد كان فيه من الجهل المتعمد وسوء التقدير والتعميم الظالم الشيء الكثير. لقد نصّب نفسه مُقيّما لدين يتبعه زهاء المليار ونصف من سكان هذا الكوكب بكثير من الخفة، وحتى الاستخفاف، دون مراعاة لكرامات هؤلاء. عندما يقول ما قاله ماكرون باحث في الأديان في ندوة علمية شيء، وعندما يقوله رئيس دولة كبرى شيء آخر تماما، خاصة عندما يلحقه بإجراءات وقرارات، التعسف فيها والتضليل ليس بقليل.
القتلُ الشنيع للمعلم الفرنسي الذي عرض الرسوم المسيئة للرسول الكريم على تلامذته عمل إرهابي وإجرامي يجب إدانته والتنديد به بلا تردد أو تحفظ. كان بالامكان التعامل مع ما قام به بالدفع بالتي هي أحسن في كنف القانون والسلمية عبر عريضة أو وقفة احتجاجية أو حتى تشكيل وفد من الأولياء للقاء به والنقاش معه، أما أن «يتطوّع» أحدهم ليزهق روحه في لحظة غضب وهيجان فذاك مما لا يجوز ولا يُـقبل، إنسانيا ودينيا، ولا يمكن الدفاع عنه أو تبريره، فما بالك بتأييده أو مباركته فتلك جريمة تضاف إلى الجريمة الأولى.
حرية التعبير من حريات الإنسان الأساسية، ومن أجلها ضحى الآلاف لكنها وككل الحريات ليست مطلقة بلا ضوابط. وحتى وإن لم تكن مثل هذه الضوابط مقترنة نصا بهذه الحرية في المواثيق الدولية أو النصوص الدستورية، فإن هناك من الموانع القانونية ما تحد منها في سياقات مختلفة. لا يمكن التحجج مثلا بحرية التعبير عندما تدعو إلى العنف أو الإرهاب أو نبذ عرق من الأعراق أو دين من الأديان أو الحث على الكراهية أو الحط من قيمة أي انتماء ديني أو مذهبي أو وطني أو مناطقي أو استفزاز أصاحبه أو إهانتهم أو غير ذلك. كل ذلك لا يسمى حرية تعبير، ولا يجب التعسف بإدراجه على أنه كذلك، وهنا بالتحديد توضع قضية الرسوم المسيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.