شكرا؛ أخى الغالي؛ على الهدية/د.محمد عبد الرحمن محمد الدنبجه

اثنين, 2022-07-18 19:15

قبل أيام، أرسل إليَّ، مع رسولٍ مصطفًى أمينٍ، هذا الكتابَ صديقٌ حميم، وأخٌ كريم، وزميلٌ في مقاعد الدراسة قديمٌ: في إعدادية بتلميت أولا، ثم في الثانوية بانواكشوط ؛ حيث حصلنا على شهادة الباكلوريا الأدبية. كنا حينها نسميه "الكاتب" وربما "الخطيب" أيضا، فقد كان مُفَوَّهًا وذا حِبر ، حين يكتب، جميلٍ أصيل. وقبل ذلك في بتلميت، كان بعض زملاء الدراسة يسميه "الموثوق"، لأنه لم يكن منشغلا بما يشغل مراهقي تلك الفترة. ولم يكن "نَزَقُنا" يعنيه في شيء، فلا يستهويه لا مجاراة ولا حتى تعليقا.... رافقته تلك "الوثاقة" فترة الثانوية بطبيعة الحال.
بعدها افترقنا: واصلت صُحبة الآداب، واختار طريق الإدارة. سلكتُ درب التعليم، وولج دهاليز الإدارة، ثم تقلد وظائف سامية في الدولة، أبان فيها عن قدرات لم تفاجئني شخصيا... وعلى تباعد المسارات، لم ينسَ أي منا الآخر ... حتى فاجأني من جاءني قبل أيام حاملا إهداءه الوفي العذب اللطيف على الصفحة الداخلية الأولى لهذا الكتاب. كنتُ أعرف نفسي جيدا، وأدرك أن خلف كلماته دماثة أخلاقه المعروفة لدينا، مع ما اكتسبه من مهارات الإدارة والدبلوماسية. ومع ذلك، سُرِرْتُ بها كثيرا، إذْ أيقظت ماضيَ الذكريات، حين كانت "مجموعات التلاميذ" (وكدت أقول عصابات التلاميذ) في معهد بتلميت، متعددة الجغرافيا: في المجموعة الواحدة تجد "أهل الدشرة" و"أهل الشرق"، و"أهل أكجوجت"، و"أهل البوادي" التي تطلق علينا نحن معاشرَ أهل القرى التابعة للمقاطعة. كانت هناك فُسيْفساء تتشكل على كل معيار باستثناء المعيار الجهوي أو القبلي. فكنت تجد الحميميْن اللذيْن لا يكادان يفترقان، دون أن يعرف أي منهما قبيلة الآخر.
فشكرا، أخي الغالي، على الهدية الغالية التي يكفيها أن كان مُفْتَتَحُها مع العلامة الجليل، عمِّي وحِبِّ والدي –رحمه الله- شيخِنا عبدِ الله بنِ الشيخ المحفوظ بن بَيَّ؛ ومُخْتَتَمُها مع العلامة الدكتور الشيخ محمد المختار بن اباه حفظهما الله تعالى ذخرا نفيسا لأهل هذه الأرض وللعلم والعلماء في هذه الأمة. وبينهما، احتضنتم آفاقا رحبة عابرةً حدودَ الزمان، وفضاءات روحية سابرةً ظروفَ المكان.
أخيرا، وقبل اختتام جوابي هذا على إهدائكم الكريم، اسمحوا لي أقولْ: إنني وجدت في كلمات الشيخ العلامة الدكتور محمد المختار تعبيرا عني، مع اختلاف مقداريْنا، فقد كنت منذ سنوات أعدُّ عملا عن التصوف في هذه البقاع، وأوقفته إلى حين، لأسباب خاصة بي؛ فوجدت في هذا العمل عن الطريقة الغظفية ما أنا عاجز عن تقديمه... فشكرا لكم وللفريق المتميز الذي أنجز العمل. وأرجو أن أتمكن خلال سنوات من العودة إلى مشروعي مستفيدا من عملكم القيِّم ومن غيره...
لكم مُجَدَّدًا شكري أخي العزيز وصديقي الغالي محمد أحمد محمد الأمين.
هذا، والبادئ أكرم، حفظنا الله وإياكم بما حفظ به ذكره الحكيم.
أخوكم محمد عبد الرحمن محمد الدنبجه
نواكشوط، بتاريخ 18/يوليو/2022م