القدس العربي : النزوح السوري الكبير: عار العالم

خميس, 2015-06-18 22:14

 

تعتبر فيرنانديز أن اللاجئين يتعرضون لأشكال متعددة من الاضطهاد والمعاناة كعقوبة لهم على إحراجهم الغرب بوجودهم، وتروي قصة عن لاجئ فلسطيني من سوريا حكى لـ»هيومن رايتس ووتش» كيف قام صاحب مطعم برشه بمبيد الحشرات، وهي حكاية روى مثلها لاجئون آخرون عن قيام سلطات أوروبية بتعريتهم تماماً ورشّهم بموادّ «مطهّرة».

في تقريرها السنوي المعنون «عالم في حرب» أعلنت الأمم المتحدة أنه في العام الماضي كان معدل اللجوء في العالم هو 42500 شخص في اليوم الواحد وهو ما جعل عدد الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من بيوتهم وبلدانهم يصل إلى «مستوى قياسي» (على حد تعبير المفوضية العامة للاجئين) هو 60 مليون شخص، نسبة الأطفال منهم أكثر من النصف.

وأشارت المفوضية إلى ان الارتفاع الكبير بدأ منذ عام 2011 مع اندلاع النزاع السوري الذي بات يعتبر سبباً لأكبر عملية نزوح للسكان في العالم على الإطلاق، حيث سجل شعبها 7.6 مليون نازح حتى نهاية عام 2014.

تعتبر تركيا أكبر بلد مضيف للنازحين السوريين فقد استقبلت ما يعادل مليونين ومئتي ألف لاجئ وهو الأمر الذي جعلها البلد الأول في استضافة اللاجئين في العالم، وأشار المفوض العام للاجئين في الأمم المتحدة أنتونيو غوتيريس «إن التضامن الدولي ضعيف جدّاً أمام الجهود التركية»، وقد فتح هذا البلد، بحسب غوتيريس، «أبوابه أمام العراقيين والسوريين، بينما هناك الكثير من الحدود المغلقة أو المقيدة، وفي الوقت الذي تبنى فيه الجدران الجديدة أمام اللاجئين».

يلمح غوتيريس في قوله الأخير إلى مشروع هنغاريا لبناء جدار على حدودها مع صربيا لوقف تدفق المهاجرين. يمتد مشروع الجدار على مدى 175 كيلومترا ويرتفع أربعة أمتار، وهو ما يثير مفارقة كبرى لأن وجود هنغاريا ضمن الاتحاد الأوروبي ونظامها السياسي الحالي يدينان كثيراً لسقوط جدار برلين الشهير الذي بدأ بسببه مشروع انفتاحها على أوروبا الغربية.

كما يذكر السور المزمع بناؤه بجدار العزل الذي تسجن فيه إسرائيل الشعب الفلسطيني وبعموم أسوار العار، وهي أسوار يحاول أن يقيمها أغنياء وأقوياء ومتكبرون كانوا في يوم من الأيام فقراء وضعفاء ومهانين.

يستهول الكثيرون من سكان الدول العظيمة والقوية والغنية وصول نسبة ضئيلة جداً من المهاجرين إليهم (عدد السوريين اللاجئين إلى الولايات المتحدة الأمريكية لم يتجاوز 800 وعدد الذين قبلت بريطانيا لجوءهم أقل من 150 شخصا) وهو ما يثير الازدراء فهذه الدول ذات النفوذ والتأثير الهائلين على سياسات العالم، مسؤولة مباشرة عن المآل الخطير الذي آلت إليه الأمور في المنطقة العربية فهي التي رعت ولادة دولها وكياناتها، وهي التي كوّنت إسرائيل وسلّحتها ورعت همجيتها، وهي التي شجعت انقلابات العسكر على الديمقراطيات، ثم انقلبت على العسكر واجتاحت المنطقة باسم الديمقراطية!

تختصر هذه الأرقام المأساة العربية بحروف كبيرة ولكنها أيضاً تمسخ البشر وتحولهم إلى مجرّد أرقام وتفرغ قصص الرعب والأهوال والإهانات الفردية من تفاصيلها التي يعاينها الفارون المخاطرون بحيواتهم وأطفالهم وأموالهم، وتعيدنا إلى دائرة الملامة السياسية عن المسؤول: الأنظمة العربية المتوحشة أم السياسات «المتحضرة» التي صنعتها وحافظت عليها.