حدود الحرية الدينية في موريتانيا / عبد القادر ولد محمد

خميس, 2020-06-11 13:49

من المعلوم أن القانون الجنائي الذي تم تعديله في عقد الثمانيات كان واضحا بخصوص العقوبات الصارمة التي اعتمدها طبقا لتوجه سياسي سمي حينها "تطبيق الشريعة الإسلامية".
و هو توجه أدى إلى اعتماد بعض الترتيبات التي لا زالت معطلة كقطع اليد للسارق و جلد الزاني،، ... إلى غير ذلك من الحدود التي بقيت معلقة بسب اكراهات النظام الدولي العالمي . ،،، .
و من الواضح أن المادة 306 ازدادت مؤخرا صرامة بادخال مفهوم "إنكار المعلوم من الدين "" ..الذي صار يعتبر جناية بموجب القانون ...
هذا هو الواقع القانوني المحلي الذي يتعين لمن لا يريد أن يدخل السجن مع صاحبي يوسف أن ينصاغ له ...
،،،صحيح أن حرية التعبيرالتي تشمل في المفهوم السائد بعالم اليوم حرية المعتقد تتربع على عرش حريات يقرها الدستور المورتاني و يكرسها الاعلان الدولي لحقوق الانسان وغيره من تعهدات دولية صادقت عليها مورتانيا بدون تحفظ يذكر..

وصحيح أيضا ان القانون الوطني لايشترط الديانة الاسلامية للحصول على الجنسية المورتانية وأنه يجوز قانونيا لغير المسلم أن يكون مواطنا للجمهورية الاسلامية المورتانية يتمتع بحقوقه المدنية و يحظى باحترام حرية معتقده مادام يمارسه في محيطه الخاص ، دون المس من مشاعر و مقدسات المجتمع الاسلامي الذي يعيش فيه،،
لكنه من نافلة القول أن قانون موريتانيا يضع خلافا لقوانين الدول الاسلامية المجاورة و الشقيقة المغاربية و الغرب افريقية حدودا واضحة المعالم للحرية الدينية.
وأنه بموجب الاستثناء الموريتاني في المنطقة يمكن بناءً على التعزير القضائي سجن المرتد و الزنديق (وهي عبارة من قرون التاريخ الاسلامي الاولى تطلق أصلا على تابع ديانة المانوية) ، و كذلك سجن شارب الخمر و تارك الصلاة إذا أقر علنا بذلك و الزاني و الزانية إن عثر عليهما.
تلك هي حقيقة القانون الجنائي المورتاني التي تسببت في إحراج الانظمة السياسية المتعاقبة مذ "عهد تطبيق الشريعة" ، حيث أنه يستحيل تطبيقه كليا نتيجة للاكراهات الدولية المشار إليها سابقا و يصعب مجرد التفكير في تعديله خصوصا في ما يعني الترتيبات المقيدة لحرية المعتقد خشية قيام قيامة ..الشارع.
و تجدر الإشارة إلى أن تلك الترتيبات الجنائية التي تم اعتمادها في عقد الثمانيات بضغط من تيار سياسي صارت اليوم موضوع خلاف بين التيارات بعد أن كان البعض يكفر السياسين المعارضين لها....

كما تجدر الإشارة إلى أن تلك الترتيبات الجنائية صاحبتها ترتيبات قانونية سخيفة تفيد مبدئيا بتعويض أسياد الارقاء باسم الشريعة الإسلامية!! و كان يوجد في ذلك العهد من يعتقد أن إنكار الممارسات الاستراقاقية الفظيعة بمثابة " إنكار المعلوم من الدين " !! ..
إنها اكراهات السياسة التي أدت إلى سن قوانين مرتجلة و متناقضة للدعاية الديماغوجية دون مراعاة إمكانية تطبيقها في الواقع ....
و تلك مع الأسف هي الحقيقة التي لا يروق للسياسين الكلام حولها خشية ما قد يترتب على قولها من أضرار اما لشعبيتهم المحلية أو لسمعتهم لدى الشركاء الدوليين ، فجمهور السياسين يتفق في هذه على مذهب الكذب حرام و الحق لا يقال ...
يبقي من باب قول الحقيقة الثابتة في كل الدول و بموجب القوانين الوضعية المعمول بها دوليا أن فرض احترام مشاعر المجتمع و مناسكه و الكف عن استفزاز المؤمنين في المنابر الإعلامية أمر إلزامي للحفاظ على السكينة العامة.... .
كما يبقي أيضا من الضروري التذكير... و ذكر فإن الذكري تنفع المومنين ...أن مصلحة موريتانيا و مصلحة الإسلام و المسلمين تتطلب انتهاج الحكمة التي تقتضي التفكير الجاد في حوار هادئ بين أهل العلم و الخبراء حول الإشكاليات المطروحه في هذا المجال علي غرار الحوار الذى تم تنظيمه حول مشروعية الجهاد بالنظر إلى القوانين الوضعية .. كما تتطلب نشر الأخلاق السامية و العمل بها .. في الواقع
..
و في النهاية من يهدي الله فهو المهتدي، و من أراد الله له أن يضل أو بكفر أو يشرب الخمر لن يصده القانون الجنائي و لا القانون ..الجبائي ...، وعلى ذكر شراب الخمر .. يحكي ضمن الحكايات المتداولة في عهد تطبيق الشريعة أنه لما تم تحريم بيع الخمر للمورتانيين قصد أحدهم حانة و اصطحب معه جوازي سفر لدولتين أجنبيتين كان ينتمي إليهما و قال لصاحب الحانة : بع لي قنيينة خمر لهذا و أخرى لهذا .....
أقول قولي هذا و استغفر الله العظيم .. واتوب اليه ...