رأي اليوم : هذا هو ردنا على ماكرون!

خميس, 2020-10-22 08:32

كتبت صحيفة رأي اليوم :
نحن نتحدّث هُنا عن فرنسا، والحملة الشّرسة التي يشنّها الرئيس إيمانويل ماكرون ضدّ ما يَصِفه بـ”الإسلام المتطرّف”، شمِلَت حتّى الآن إغلاق 328 مسجدًا ومدرسة، وناديًا، كردّ فعلٍ على إقدامِ شابٍّ شيشانيٍّ على جريمة قطعه رأس أستاذ تاريخ عرض على تلاميذه صُورًا كرتونيّةً عاريةً، وبشكلٍ بذيءٍ استِفزازيّ، نخجل من وصفه، للرّسول محمد ﷺ.
لا نُجادل مُطلقًا، بأنّ عمليّة القتل للأستاذ صامويل باتي على يد مُراهق شيشاني مُسلم لا يزيد عُمره عن 18 عامًا، هي جريمةٌ مُدانةٌ، وتَحدُث يوميًّا جرائم مِثلها في مُختلف المُدن الأوروبيّة وغيرها، ولكنّ الخطر يَكمُن في تصنيفها في خانة “الإرهاب الإسلامي” وتجريم القاتل، وتحويل الضحيّة إلى بطلٍ، دون أيّ إشارة، أو إدانة، إلى عمله الفاضح، وتوجيه أيّ لومٍ له، الأمر الذي يَصُب في مصلحة نشر العنصريّة والطائفيّة، وتشجيع حُدوث المزيد من الإساءة لدِينٍ سماويٍّ يقترب عدد مُعتَنقِيه من المِليارين.
نعم هُناك مُتطرّفون في أوساط الجاليات الإسلاميّة في أوروبا، ولكنّ هؤلاء يظلّون أقليّة الأقليّة، والمُسلمون “المُعتدلون” الأغلبيّة السّاحقة يُعانون أكثر من نُظرائهم الفرنسيين “اللّيبراليين”، وأقل هذه التّهم هي “الكُفر” والردّة، ومع ذلك يستمرّون في “التّعايش”، ولكنّ كُل الشرائع لا تُحمّل الأكثريّة مسؤوليّة أفعال الأقليّة إلا في فرنسا ماكرون للأسف التي تتغوّل في ردودِ فِعلها التمييزيّة الانتقاميّة.
***
من دعم هؤلاء المُتطرّفين، ووفّر لهم البيئة الحاضنة في “غيتوهات” فقيرة، مُعدمة، منبوذة في هوامِش المُدن الفرنسيّة الكُبرى، وعاملهم بطريقةٍ عنصريّةٍ تمييزيّةٍ في العمل والصحّة، والتّعليم، هي الحُكومات الفرنسيّة قصيري النّظر، الاستعماريّة التوجّه، السّابقة منها والحاليّة.
ماذا يتوقّع الرئيس ماكرون عندما يختار وزيرًا مُتطرّفًا عُنصريًّا للداخليّة يُعارض وجود أقسام خاصّة في المحلّات التجاريّة الكُبرى للطّعام “الحلال”، بينما لا يعترض مُطلقًا، وعلى مدى عشرات السّنين لوجود قسم خاص للطّعام اليهودي “كوشر” على سبيل المِثال لا الحَصر، ويُطالب بإزالة هذه الأقسام “الإسلاميّة” فورًا باعتِبارها منظرًا مُنفّرًا و”مُقزّزًا”، والقائمة تطول..
جميع المساجد التي تُتّهم بالتطرّف من وجهة نظر الحكومة الفرنسيّة، بناها وأشرف على إدارتها، ووظّف أئمتها دول إسلاميّة حليفة للغرب، وتُعتبر السّوق الرئيسيّة لصادرات الأسلحة الفرنسيّة، ونقصد هُنا دول الخليج والمملكة العربيّة السعوديّة على وجه الخُصوص، وهذه هي أحد ثِمار هذه السّياسات الماديّة القصيرة النّظر.
يسرّنا أن نُذكّر الرئيس ماكرون الذي يقود حملات التّكريه ضدّ الإسلام والمُسلمين في كُل أوروبا، أنّ بلاده هي التي شجّعت المتطرّفين الإسلاميين في فرنسا على الذّهاب إلى سورية للمُساهمة في إسقاط نظام علماني بعثي، وذهب رئيس الوزراء الفرنسي مصحوبًا بنظيره البريطاني ديفيد كاميرون إلى بروكسل لاستِصدار قرار برفع حظر السّلاح عن سورية لتمكين هؤلاء “الجِهاديين” من الحُصول عليه لإنجاز مهمّتهم بأسرعِ وقتٍ مُمكن، وعندما فَشِلوا في تحقيق هذا الهدف جرى التخلّي عنهم، ورفض الاعتِراف بمُواطنتهم، تمامًا مثلما حصَل مع نُظرائهم المُجاهدين الأفغان.