ماذا يريد اترامب من الزعماء الأفارقة الخمسة، وخاصة من مورينانيا/د.محمد ولد احظانا

ماذا يريد اترامب من الزعماء الأفارقة الخمسة، وخاصة من مورينانيا؟
لن أجيب على هذا السؤال قبل استكمال الزيارة، ولا أريد أن استفيض في موضوعها حتى تكتمل معلوماتي حولها.
لكن لابأس بوجبة سريعة قبل ذلك.
وهذه الوجبة من إعدادي أنا، ولا ألزم بها أحدا ولا أقتدي فيها بأحد. فهي رأيي الصرف في ما شاهدته وسمعته، في صورة نقاط. وسأقتصر على ما يعني حضور رئيسنا ومعاملة رئيس آميركا له، وهي مسألة تعنينا جميعا، إن خيرا وإن غيرا.:
* أولا: لمن يعرف استهتار اترامب بالرؤساء جميعا ورؤساء الوزراء باستثناء واحد تعرفونه؛ أرى أن ظهور اترامب باسما مع الرئيس الموريتاني كان سابقة، أو كرامة بلغتنا المحلية، فهذا الترامب نادرا ما يبتسم لأحد مهما كان، منذ تسلمه الرئاسة قبل أشهر.. بل غالب ظهوره أن يكون مجتهدا على تقطيب وجهه، عابسا قمطرير الملامح.
لماذا يظهر باسما بهذه الأريحية؟
أرى أن اترامب ارتاح لصاحبنا ارتياحا خاصا، ربما ربما سمع عن رئيسنا من عديد المصادر ما يجعله يخلع ملامحه العدوانية، ويبتسم ابتسامة عريضة على غير عادته، تمناها كل من لقيه ولم يظفر بها. واترامب ليس عفويا أبدا، ويستعمل لغة الجسد بإفراط ومبالغة في معاركه الإعلامية.وإرسال رسائله السبية غالبا.
هذه الابتسامة مهما كان سببها وأيا ماترتب عليها، ستجعل كل من يخاف تجهم اترامب وتقاسيمه الاستفزازية يحترم و يغبط رئيسنا أو يحسده.. على هذا الشيء النادر دبلماسيا.
2- وصف اترامب ولد الغزواني في تقديمه له قبل الكلمة أوصافا مدحية إيجابية جدا، وبعد كلمته وصفه بالنبيل. وهذا يؤكد الاحترام، إلى جانب الارتياح الذي دلت عليه تلك الابتسامة النادرة، ولغة الجسد المصاحبة لها عند اترامب.
3- أجلس البروتوكول الرئيس الغزواني في المقعد المقابل لترامب وهذا في العرف الدبلماسي له معنى اعتباري بالمكانة الشخصية. ولا شيء عفوي في البروتوكالات الأمريكية.
وقد استغل الرئيس بلباقة سانحة هذا التمييز الإيجابي بنوع من إظهار الوصاية المعنوية على زملائه على خلفية أنه كان رئيسا لهم من خلال الصياغة العمومية لجزء كبير من كلمته.
5- وضع اترامب يده على كتف غزواني متوددا. وهذا ينسجم مع ما سبقه من اعتبار، خاصة من طرف شخص لايعرف المجاملات، ويتقحم الزعماء تقحما. ولديه هواية إحراجهم على رؤوس الأشهاد.
والمهم من كل هذا أن النجاة من إهانات اترامب ابروتوكوليا في حد ذاتها، أمام الشاشات العالمية فوز عظيم، أحرى إبداؤه الإعجاب و الاحترام والثناء لرئيسنا.
وأصارحكم بأن قلبي كان يخفق إشفاقا من خرجة متعجرفة لترامب في وجه رئيسنا تهينه وتهين بلدنا. والحمد لله على أن لم يقع ما يحرج الشعب الموريتاني أو يهينه في هذه التجربة العسيرة. فجل من زاروه رضوا من الغنيمة بالإياب، إن لم يخسروا أمام شعوبهم غالبا.
فيما يعني رئيسنا غزواني
أرى:
1- أن الظهور والحضور الذاتي له كان ملفتا للانتباه في المشهد، فلم يبد عليه التلهف (كان ملتفتا أحيانا عن اترامب ويحدث غيره بجانبه)، ولا الدهشة، ولا الارتباك، وكان متوازنا تماما، واثقا من نفسه، مع هيبة لا تخطئها العين.
2- كون الكلمة جاءت بالفرنسية، فهمتها على أنها رسالة موجهة إلى بعض الرؤساء الأفارقة الحاضرين، الذين لهم منة علينا في دعم مرشحنا لرئاسة البنك الأفريقي وتقديمنا لرئاسة أفريقيا قبل ذلك، وخاصة من يعرفون الفرنسية منهم. وربما توجيها لكلماتهم نحو خطاب أفريقي شبه موحد أمام هذا المخلوق الذي لا تؤمن بوائقه. وقد كانت تدخلات الرؤساء لاحقا مسلمة بما قاله. موجزة فكأن كلمة رئيسنا كانت كلمهم. وهذا مهم جدا.
كما أنني أراها طمأنة مهذبة لشركائنا الفرنسيين الذين يتوجسون خيفة من انفلات غرب أفريقيا كله من أيديهم بما فيه موريتانيا، إلى الشرق أو إلى غرب الأطلسي.
كما قد يكون الحديث العفوي بالفرنسية ارتجالا أسهل على رئيسنا، أو أقرب إلى المفاهيم التي يريد أن يعبر عنها. وعلى كل، هذه مسألة شخصية تحدث عند الارتجال عادة ولا يقدرها إلا صاحبها.
3- كان حديث الرئيس غزواني مسترسلا، لا تردد فيه ولا شائبة ارتبارك؛ بل هو أقرب إلى العفوية، والندية المعنوية، وتطرق إلى ما يجب أن يتحدث عنه في هذه المواقف الحرجة:
– مجاملة المضيف بالحديث عن جهوده في إطفاء بعض الحروب.
– التذكير بتطاول أزمة فلسطين وخطورتها على السلام العالمي.
– تقديم ما يعني اترامب بخصوص بلادنا وهو الثروات والمعادن النادرة التي هي أمر جوهري في خارطة اهتمام اترامب. جلبا للصناعات الاستخراجية المربحة.
لقد كان تدخلا مختصرا وافيا بمطلوب المقام الذي هو مقام حرج جدا في حضرة متغطرس كوني. ويبدو أن كلمة رئيسنا أعجبت المعني أو وجد فيها شيئا مما يريده.
أما تقديم موريتانيا بواقعية من جهة بأنها دولة صغيرة مقارنة بغيرها فهذا حقيقي، لكن الرئيس استغله لتلميع صورتنا وتعظيمها من جهة أخرى. وأراه توفيقا في التعبير والصياغة لا تقصيرا إذ تتميز الأشياء بأضدادها..
وفي كل الأحوال فإنني أرى أن خرجة رئيس الجمهورية كانت ناجحة في وسط صعب.
هذا رأيي ولمن يرى غيره الإنصاف في الاختلاف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى