افتتاح جلسات الحوار الوطني الشامل

خميس, 2016-09-29 19:44

انطلقت مساء اليوم الخميس بالمركز الدولي للمؤتمرات في نواكشوط فعاليات الحوار الوطني الشامل بإشراف سام من فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز.

 

وستجمع فعاليات الحوار قطبي الأغلبية الرئاسية المدعمة والمعارضة الديمقراطية بما فيها تشكيلات المعاهدة من أجل التناوب السلمي على السلطة وكتل المواطنة والوفاق الوطني التحالف الوطني الديمقراطي وقوس قزح وغيرها، علاوة على الشخصيات المستقلة وممثلي النقابات والمجتمع المدني وجالياتنا في الخارج والنشطاء الحقوقيين وعدد من الفعاليات النسوية والشبابية.

 

وحضر الافتتاح الوزير الاول السيد يحي ولد حدمين واعضاء الحكومة والشخصيات السامية في الدولة والعلماء والائمة ورجال الفكر والثقافة وعدد من المدعوين.

 

وسيناقش الحوار الذي يدوم الى غاية العاشر اكتوبر المقبل، مواضيع هامة مقترحة، تهم مستقبل البلاد وسبل ترسيخ الديموقراطية وتعزيز دولة المؤسسات.

 

وقد بدأ حفل الافتتاح بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلتها كلمة لرئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي السيد مسعود ولد بلخير، عبر فيها عن غبطته واعتزازه لافتتاح الحوار الوطني "الذي ظل حلما يراودنا وأملا نتطلع اليه وهدفا نسعى لتحقيقه من اجل موريتانيا حرة موحدة يعيش اهلها في ظل العدل والمساواة والعيش الكريم والمحبة والوئام بين جميع مواطنيها".

 

وقال انها "نقطة مضيئة في تاريخنا ان نجتمع لنتحاور لحل مشاكلنا بانفسنا معتمدين على الله أولا وعلى قدرة شعبنا على لم الشمل وتجاوز الصعاب والخلافات مهما عظمت تشعبت.

 

واكد ان حزبه حزب التحالف الشعبي التقدمي ظل وبكل مثابرة وايمان يعمل من اجل تحقيق هذا الحلم معتمدا في مقاربته على ان مشاكل الوطن لا يستطيع أي كان أن يحلها بمفرده او ان يمتلك الاحقية في تسيير البلد برأيه أو منهجيته، بل انه من الضروري ومن الواجب كذلك أن يتكاتف الجميع لتحقيق ما يصبو اليه شعبنا ويستحقه علينا وطننا بعيدا عن تهميش البعض او اقصائه.

 

واعرب عن امله في ان يحقق هذا الحوار الهدف المرجو منه "رغم انه كان يحدونا الامل في مشاركة الجميع فيه ليساهم في وضع لبناته الاولى واثراء مراحله حتى لا يبقى أحد الا ويجد نفسه في مخرجاته ونتائجه".

 

وقال انه يدرك انه لا يمكن لسلطة ان تلغي دور الاخر ولا يمكن لاحد مهما كانت اهميته أن يعرقل مسار أمة واحلام وطن لان الوطن فوق كل أحد رئيسا كان او مرؤوسا.

 

وقال رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي: "وان اسفنا في عدم مشاركة البعض ليشفع له أن تكون مخرجات الحوار ونتائجه قد شملت هموم الجميع ورؤاه".

 

واضاف ان هذا الحوار الوطني يجب ان يضع المعالم الاساسية لتعزيز الوحدة الوطنية أولا وأن يضع لذلك الحلول النهائية التي تضمن الحرية والمساواة والعيش الكريم لكل ابناء الوطن، مساواة لا تفرق بين مواطن على أساس لون او لسان او جهة او قبيلة او طائفة أو مكانة اجتماعية، دولة لا ظلم فيها ولا غبن ولا استعباد ولا نظرة دونية للاخر لنتغلب في النهاية على كل الدعوات الفئوية والعرقية وثقافة الغبن والاقصاء سواء كان سياسيا او ثقافيا او اجتماعيا او وظيفيا.

 

وقال إنه في المجال الديموقراطي يجب علينا في هذا الحوار التاسيس لدولة القانون والحكامة الديموقراطية ليبقى التناوب السلمي على السلطة سنة للاجيال القادمة، ديموقراطية مؤسسة على خيار الشعب وذلك ما يؤسس للتداول السلمي على السلطة طبقا للنصوص الدستورية المعمول بها.

 

وأبرز أنه في المجال الامني يجب أولا أن يوضع المواطن في ظروف لا يشعر فيها بظلم ولا تهميش او غبن او عدم مساواة وتحسين العلاقات مع دول الجوار وتوفير الامكانيات اللازمة لابعاد خطر الارهاب والجريمة المنظمة.

 

وأوضح أنه في المجال الاقتصادي فان تحقيق الحكامة الرشيدة وحاربة الرشوة وتبذير المال العام وخلق فرص العمل وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب وتقنين الصيد البحري والتعدين، أمور تتطلب استراتيجية جديدة ومحكمة للرفع من المستوى الاقتصادي وتحقيق الرفاه لساكنة البلد.

و بدوره  أبرز الشيخ عثمان ولد الشيخ أحمد أبي المعالي رئيس كتلة أحزاب الاغلبية في كلمته أهمية الحوار وتزاحم الاراء، مؤصلا ذلك من الايات القرآنية التي افتتح بها القارئ الحفل حيث حضت على التماسك وعدم التفرقة وعلى التشاور.

 

وقال ان الحوار سنة كونية فطر الله عليها البشرية لما جعل فيها من ذكاء وقدرة على حل مشاكلها بالطرق الحوارية ولا يلجأ الى غيره الا عجزا.

 

واوضح أن الشورى أقوى في قاموسناالشرعي والاسلامي، حيث سبقنا بها غيرنا من الامم مبرزا أن علماء ابرزوا وجوب الشورى على الحاكم مع المحكومين بوسائل مختلفة في المسائل العلمية مع العلماء وفي غيرها مع المختصين.

 

وأكد أن الحوار سنة متبعة من طرف الحكماء والعقلاء وان الامم التي سارت على هذا المنهج بدل حل المشاكل بالطرق الاخرى هي التي وصلت الى اسباب الرقي والامن والازدهار، مبرزا ان مخزوننا الاسلامي حافل بالامثلة على ذلك.

 

واوضح أن دعوة رئيس الجمهورية للحوار تنطلق اساسا من هذه الواجبات التي بين تأصيلها وذكر مستنداتها، مبينا أنه وان طال الانتظار للذين لم يشاركوا في هذا الحوار فان ذلك يحمد للمشاركين فيه وليس عجزا وإنما الانتظار وطول النفس هي القوة والحكمة والعمل الصالح.

 

واضاف ان بدء هذه الجلسات لا يعني استغناء عن اولئك ولا استخفافا بهم وانما عملا بمقتضيات الوقت واكراهات الاجال الدستورية، راجيا التحاق الاخوة الذين لم يشاركوا في الحوار بجلساته المقبلة، داعيا الله العلي القدير، التوفيق في الوصول من خلال هذا الحوار الى ما يحقق المصالح العليا لهذا البلد.

 

وبدوره بين السيد با آلاسان حمادي، رئيس حزب قوس قزح وجهة نظر حزبه ازاء ملف الارث الانساني، مستعرضا جهود رئيس الجمهورية لتسوية هذا الملف وما قام به خدمة لمصالح جميع الموريتانيين عبر وقف الفوضى والفساد، وبدءا بالصلاة التي اقيمت على ارواح ضحايا سنوات القمع في كيهيدي وعودة المسفرين وتعويض اسر العسكريين وضحايا القمع خلال سنوات 1989 و1991، وهو ما قال إنه لقي استحسان وتأييد أغلبية المواطنين.

 

وأضاف أن البلاد تحولت خلال السنوات الاخيرة الى ورشات كبرى وشهدت انجازات معتبرة في مجال الكهرباء والصحة وغيرها.

 

وأوضح أنه رغم كل ذلك بقي الكثير مما يجب عمله حيث لا يزال ضحايا أحداث 1989 يعانون معاناة حقيقية ولا يزال المرحلون الى السينغال ومالي ينتظرون حلولا لمشاكلهم الانسانية بعد أن تحولوا الى لاجئين في وطنهم، لم يسترجعوا ارضهم ولا ديارهم التي فقدوها تحت انظار الجميع.

 

وقال ان هناك قضاء غير عادل إزاء التعامل مع هؤلاء كما يعاني أغلبهم من البطالة رغم حصولهم على التخصصات المطلوبة في جميع المجالات في الادارة الترابية في الصحة كما يعانون من التهميش في قطاع الاعلام الخصوصي.

 

وقال ان حزب قوس قزح يتشرف بمشاركته في هذا الحوار الوطني، متمنيا أن تصب مخرجاته في مصلحة جميع الموريتانيين، بما يحقق الامن والاستقرار والازدهار للكل دون اقصاء او تهميش او الغاء وبما يحقق المساواة والعدالة لجميع مكونات الشعب الموريتاني.

 

واعرب عن التزام حزبه بالعمل على تحقيق مقاربته الهادئة والمتمدنة على هذا الصعيد من خلال القطيعة مع سياسة المقعد الشاغر التي أثبتت عدم جدوائتها.

 

وقال ان حزبه يأمل ان تدور الجلسات في كنف السكينة والاحترام المتبادل بعيدا عن التجاذبات غير المجدية، مبرزا أولوية حزبه في تحقيق المصالحة بين جميع الموريتانيين بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم السياسية مع جعل مصالح موريتانيا فوق كل اعتبار.

 

وابرز أهمية ترقية اللغات الوطنية، مبينا أن الوقت قد حان لانصاف الزنوج وايجاد حلول ملائمة لمشاكلهم.

 

وبدوره عبر السيد بلال ولد ورزك رئيس كتلة المواطنة من أجل الحفاظ على موريتانيا، عن اعتزازه باشراف رئيس الجمهورية شخصيا على حفل الافتتاح "مما يعزز قناعتنا بجدية الحوار"، مبرزا أن كتلته تبنت منذ الوهلة الاولى منهج الحوار كوسيلة وحيدة لجمع شمل كافة المواطنين بغية الاتفاق على انجع الحلول الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والوطنية.

 

وقال إنه على هذا الاساس، شاركت كتلة المواطنة في الايام التشاورية الممهدة للحوار الوطني اضافة الى المشاركة الفاعلة في اعمال اللجان المحضرة للحوار، مبرزا أنهم بذلوا جهودا خلال السنة المنصرمة من اجل تقريب وجهات النظر بين كافة الاطراف وذلك سعيا منا لمشاركة الجميع في العملية التحاورية.

 

وتابع: "والان يحدونا أمل كبير في أن يرى الجميع ذواتهم وان يتأكدوا من جدية الحوار من خلال جدول أعمال الحوار ومخرجاته حتى يواكب الجميع العملية السياسية المتمخضة عن الحوار.

 

وثمن رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الاستاذ سيدي محمد ولد محم، في مداخلته إشراف رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، على هذا اللقاء الوطني، شاكرا كل الكتل واحزاب المعارضة وشخصياتها التي لبت نداء الحوار وشاركت في هذا اللقاء الذي "سيجسد بلا شك إرادة الموريتانيين حين يلتقون، تقوية لروابط الاخوة وخدمة لبلد لا يحبون غيره ولا مرتحل لهم عنه".

 

واوضح أن التجربة أثبتت أن الموريتانيين حين يلتقون بينهم ينتجون دائما حلولا خلاقة لكل العراقيل التي يمكن أن تعترض مسيرة بلدهم منذ الاستقلال وحتى اليوم.

 

وخاطب رئيس الجمهورية قائلا: "كما حققتم الانجازات في الميدان الحقوقي وفي مجال الامن وفي السياسة الخارجية وفي التعليم والصحة والطرق والمياه والطاقة والموانئ والمطارات وغيرها، وكما أطلقتم عنان الحريات الاعلامية والسياسية في هذا البلد، إلى أبعد مداها، ها أنتم اليوم تدعون كل الموريتانيين لرسم خارطة المستقبل واللحاق بركب الشعوب العريقة في ممارسة الديموقراطية والحكامة الرشيدة".

 

وأضاف: "بعد أيام، فخامة الرئيس، ستكون هناك موريتانيا جديدة تحافظ على مكاسبها وتطور أدائها عبر وقفة مع الذات للمراجعة والتقييم والتحسين، خريطة جديدة مدعوون اليوم الى رسم معالمها باعتبار منجزاتنا ومكاسبنا وحتى أخطائنا وعثراتنا وباعتبار حق الاجيال القادمة علينا في الحرية والممارسة الديموقراطية وحقنا في مؤسسات فعالة يفاخرون بها وببناتها وصانعيها".

 

واكد الأستاذ سيدي محمد ولد محم، جاهزية مناضلي حزب الاتحاد من أجل الجمهورية للمساهمة بفعالية في هذا اللقاء معلنين ارادتهم القوية في التحاور والتواصل مع كل القوى الوطنية في هذا البلد.

 

من جهته عبر السيد بيجل ولد هميد رئيس حزب الوئام الديموقراطي الاجتماعي عن سعادته بالمشاركة في هذا الحوار الوطني الذي يجمع بين بعض المعارضة الوطنية والاغلبية الرئاسية حول قضايا هامة تتعلق بالحياة الوطنية من كل جوانبها سواء في المجال السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي.

 

واعرب عن أمله في ان تؤدي النقاشات الى ايجاد حلول ملائمة للمشاكل الكبرى التي تواجه بلادنا وخاصة المسائل المرتبطة بالعبودية والوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية وغيرها من الامور التي تمس حياتنا المشتركة.

 

وأضاف "كنا نتمنى أن يشمل هذا الحوار كافة الفرقاء السياسيين المنتمين للمعارضة لكن ذلك لم يتحقق مع الاسف رغم الجهود التي بذلناها نحن على مستوى المعاهدة من اجل الوحدة والديموقراطية، ثم المحاولات التي قامت بها الاغلبية الرئاسية بعد ذلك".

 

وقال: "ما زلنا نأمل في أن ينضم إلينا هذا القسم الهام من الرأي الوطني، حتى نتمكن من الخوض في جميع القضايا التي تتحكم في مستقبل بلدنا ونبحث لها عن أفضل الحلول".

 

وتابع "إننا ننتظر من هذا الحوار أن يتوصل الى اتفاقات وتفاهمات ملموسة وبناءة، تمثل دفعا حقيقيا وقويا إلى الامام على المستويين السياسي والمؤسسي".