القدس العربي : رياضة «تخطي حواجز الاحتلال»

خميس, 2017-05-25 22:14

يقدم تقرير ينشر في عدد اليوم من «القدس العربي» تفاصيل عن مجموعة من الشباب المقيمين في القدس والذين يمارسون لعبة خطيرة تدعى «الباركور»، التي يسميها مدرب الفريق «رياضة تخطي حواجز الاحتلال» وذلك لأن الحياة في تلك القدس، حسب رأيه، هي «قفز من زقاق لآخر، وتسلق للجدران واجتياز للحواجز، وهروب من الاعتقال، ناهيك عن المشاحنات اليومية مع المستوطنين».

يتنقّل شبان الفريق على أسطح المنازل وقباب الحوانيت الصغيرة وساحات المسجد الأقصى وعلى درجات باب العامود التاريخية فيحوّلون الكرّ والفرّ اليومي مع جنود إسرائيل وغلاة مستوطنيها إلى لوحات فنية راقية رافعين بذلك المقاومة اليومية التي تمثلها الحياة تحت الاحتلال إلى أحياز الفن الراقي والمهارة القتالية والرياضة البدنية المذهلة.

يرسم الشبان الفلسطينيون بحركات أجسادهم الطليقة تلك شكلاً آخر من أشكال التحدّي وإثبات الوجود وإعلان العلاقة العضوية بالمكان ويعطون معنى جديداً لمزج الرياضة والفن بالسياسة، وهو أمر يذكّر بالضرورة باستخدام الأسرى الفلسطينيين، الذين يدخلون اليوم الأربعين من بدء إضرابهم عن الطعام، لأجسادهم حبيسة الزنازين لمواجهة مؤسسة البطش بالشعب الفلسطيني المكونة من المستوطن والسجان ورجل الأمن والمحقّق والقاضي وعضو الكنيست والحكومة، فيقوم أسرانا هم أيضاً، وبالإرادة الهائلة للجسد المنهك، برياضة مماثلة «لتخطي حواجز الاحتلال».

يقدّم الأسرى وشباب القدس أنموذجين قاسيين وشاقّين وخطيرين للإجابة على المحاولة الإسرائيلية المستمرة لإلغاء وشطب فلسطين، واقتلاع الفلسطينيين من ارضهم، بل ومنازعتهم على صورة الضحيّة، ومحاولة طردهم المستمرة من المخيّلة البشــــرية إلا كإرهابيين محتملين أو رجعيين متخلفين!

يعانق الأسرى المضربون عن الطعام ورياضيو «الكاربور» المقدسيون، كل بطريقة نضاله الخاصة به، قطبي الحياة والموت فيحفظـــون في هذا الحيّز المقدّس للخطر، المعنى الأجمل لفلسطين حيث يحضر إسراء النبيّ محمد إلى المسجد الأقصى، في السرديّات الإسامية، ويحضر صلب وانبعاث المسيح من الموت، في السرديّات المسيحية، بل وتحضر أيضاً سرديّات اليهود ضد ظلم فرعون التي استدخلتها مرويّات الدين الإسلاميّ وآيات القرآن ضمن حكاياتها ثم حوّلتها الحركة الصهيونية إلى وقود في حربها الاستيطانية البشعة ضد سكّان الأرض الذين تقبّلوا وتعايشوا مع كل الأديان عبر العصور.

يعكس تفاعل الشعب الفلسطيني مع قضية الأسرى عبر الاحتجاجات والاشتباكات مع جنود وشرطة الاحتلال تفهّما كبيراً لأهميّة هذا الحراك وضرورة تواصل روح القتال الفلسطينية داخل الزنازين وخارجها للضغط معاً على الإسرائيليين، وكان يمكن لهذه التضحية الإنسانية الكبيرة التي يقوم بها الأسرى أن تزداد قوّة وتأثيراً وفعاليّة إذا تناظرت حركتا السجون والشوارع مع حركات مبدعة مماثلة من مسؤولي سلطتي رام الله وغزة، وأن يجد هذا الحراك أيضاً عمقه العربيّ والعالمي.

لا نتوقّع من المسؤولين الفلسطينيين أن يقفزوا من فوق الأسطح والجدران أو يعرّضوا حيواتهم لخطر الموت جوعاً، لكنّ الأسرى الذين وضعوا أرواحهم على أكفّهم ليدافعوا عن حقوقهم، يدافعون بدورهم عن أولئك المسؤولين وتمثيلهم لشعبهم، ويستحقون، بالتالي من الأحزاب والنخب أن يجرّبوا بدورهم طرقاً أكثر جرأة وابداعا وخطراً لـ«تخطّي حواجز الاحتلال».