الوزير الأول يقدم أمام الجمعية الوطنية التقرير السنوي لحصيلة عمل الحكومة وبرنامجها المستقبلي

خميس, 2018-11-22 16:43

شوط,  22/11/2018

خصصت الجمعية الوطنية جلستها العلنية التي انطلقت أعمالها صباح اليوم الخميس، برئاسة النائب الشيخ ولد بايه ،، رئيس الجمعية، لتقديم الوزير الأول، السيد محمد سالم ولد البشير، أمام السادة النواب، التقرير السنوي حول نشاط الحكومة خلال السنة المنصرمة، وبرنامجه والتزام حكومته بمسؤوليتها عن هذا البرنامج .

وفيما يلي النص الكامل لهذا التقرير :

 

"بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على نبيه الكريم

 

السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب

بناءً على المادتين 42(جديدة) و73 من الدستور، يشرفني أن أستعرض أمام جمعيتكم الموقرة برنامج الحكومة للفترة المقبلة بالإضافة إلى تقرير عن حصيلتها خلال الفترة المنصرمة.

وأود في البداية أن أعرب لكم، سيداتي سادتي النواب المحترمين، عن تهانئي الحارة على الثقة التي منحكم إياها الشعب الموريتاني لسن القوانين باسمه ولمراقبة العمل الحكومي.

وطبقا للالتزامات الواردة في البرنامج الذي اقترحه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز على الموريتانيين سنة 2014، فإن جهود الحكومة ستنصب على استكمال الورشات الجاري العمل فيها وإطلاق ورشات جديدة والعمل على تهيئة الظروف الملائمة لإطلاق 

المشاريع البنيوية الكبرى المبرمجة في إطار الاستراتيجية الوطنية للنمو المتسارع والرفاه المشترك.

وستتضمن هذهالوثيقة تذكيرا بأهم الإنجازات المحققة في السنوات الأربع الماضية إضافةً إلى عرض للورشات التي سيتم استكمالها خلال سنة 2019 وتلك التي سيتواصل العمل فيها بعد هذا الأفق الزمني. وسيتمفصل العرض وفقا للمحاور الإستراتيجية الثلاثة التالية:

1- توطيد دعائم الدولة وتحسين الحكامةالعمومية؛

2- بناء اقتصاد تنافسي يحقق نموًا شاملا؛ 

3- تنمية الموارد البشرية وتوسيع النفاذ إلى الخدمات الأساسية.

السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب،

لقد تميزت السنوات المنصرمة من العهدة الرئاسية بتحقيق تقدم معتبر في مجال توطيد دعائم دولة القانون وتحسين الحكامة العمومية، بما مكن الدولة من القيام، على نحو ممتاز وفعال، بمهامها السيادية وضمان أمن البلد واستقراره. 

وإنه لمن دواعي الفخر لنا جميعا أن بلدنا العزيز أصبح اليوم يقدم في المحافل الدولية كنموذج للنجاح في مقاربته الأصيلة التي أقام فخامة رئيس الجمهورية دعائمها على أسس راسخة من سماحة ديننا الحنيف وانفتاحه، وهي المقاربة التي تجمع بين ضرورات الأمن ومتطلبات التنمية.

وبطبيعة الحال، فستواصل الحكومة بقوة وحزم تعزيز هذه المقاربة التنموية المتعددة الأبعاد. 

وفي هذا الإطار، ستستمر الدولة في تعزيزقدرات قواتنا المسلحة وقوات أمننا ومدهما بالوسائل الضرورية لتوطيد مستوى الجاهزية المناسب لأداء مهامهما التقليدية على أحسن وجه، فضلا عن المهام الظرفية المنوطة بهما، سواءٌ في الإطار الإقليمي أو في إطار مهام حفظ السلام على الصعيد الدولي.

ويجدر التذكير بأنه قد تم تحقيق إنجازات كبيرة خلال الفترة 2014-2018 شملت اكتتاب الأفراد وتكوينهم وتجهيزهم وتشييد البنى التحتية المناسبة، فضلا عن اقتناء التجهيزات اللازمة لمهام الدفاع وحفظ النظام.

وستواصل الحكومة تقديم الدعم الضروري للحماية المدنية لجعلها قادرةً على القيام بمهمتها الحيوية ضمن سياق يتميز بظهور مخاطر جديدة مرتبطة بحركة التحضر المتسارعة، وبالتنمية الصناعية في بلادنا.

وبالتوازي مع ذلك، تم تنفيذ إصلاحات مهمة استهدفت عصرنة الإدارة الإقليمية وتقريبها من المواطن وتحسين جودة خدماتها. وشملت هذه الإصلاحات، على وجه الخصوص، إعادة هيكلة الأجهزة الإدارية، وزيادة الأفراد وقدرات التأطير، ومراجعة التقطيع الإداري، وإنشاء دوائر إدارية جديدة، وسن نظام أساسي خاص بالإداريين.

وبالإضافة إلى ذلك، تم بذل جهود كبيرة من أجل تحسين ظروف عمل السلطات الإدارية من خلال تشييد البنى التحتية واقتناء التجهيزات وزيادة مخصصات التسيير المرصودة للدوائر الإدارية. 

أما في مجال الحالة المدنية البيومترية، فقد شهدت الفترة 2014-2018 توطيد المكتسبات المتعلقة بإنشاء المنظومة المندمجة لتسيير السكان والوثائق المؤمنة التي تشمل التسجيل الرقمي وإصدار الوثائق المؤمنة، وغير ذلك من التطبيقات.

وفي هذا الإطار، يتواصل برنامج بناء 168 مركز استقبال للمواطنين في عواصم البلديات. وقد تم حتى الآن استلام 124 من هذه المراكز، الأمر الذي أتاح تقريب الخدمة من المواطنين.

وستواصل الحكومة دعم هذا الجهاز الحيوي الذي يساهم بشكل أساسي في عصرنة الإجراءات الإدارية المتعلقة بالحج والشؤون الاجتماعية والصحة والإسكان والاتصال والتهذيب والنقل، فضلا عن دوره الحاسم في تأمين تسيير سجل السكان وضبط ملفات الهجرة وإقامة الأجانب في بلادنا.

وفي مجال اللامركزية والتنمية المحلية، تم التركيز على تعزيز قدرات الفاعلين وهيئات التأطير والإشراف. 

وفي هذا الإطار، مول البرنامج الوطني المندمج لدعم اللامركزية والتنمية المحلية وتشغيل الشباب 563 مشروعا لتشييد منشآت اقتصادية اجتماعية لصالح 100 بلدية بغلاف مالي يناهز 1,4 مليار أوقية جديدة شملت التعليم، الصحة، الطرق، شبكات المياه والكهرباء، الأسواق البلدية، ومقرات البلديات.

 

 

السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب 

اقتناعا بدور العدالة في توطيد دعائم دولة القانون، وصيانة حقوق المواطنين، وخلق الظروف الضرورية للنهوض الاقتصادي والانعتاق الاجتماعي والرقي الفردي، نفذت الحكومة خلال الفترة 2014-2018 إصلاحات مهمةً شملت الإطار القانوني لقطاع العدل وتعزيز قدرات موارده البشرية وتحسين بناه التحتية. 

ومكنت هذه الإصلاحات من تعزيز وتكميل ترسانتنا القانونية في مجالات المساعدة القضائية، والوقاية من التعذيب ومحاربة آثار الاسترقاق والرشوة. وتجسد تنفيذ هذه الإصلاحات في إنشاء العديد من المحاكم والأقطاب المتخصصة، بما مكن اليوم من مكافحة فعالة للفساد وجميع أشكال الجريمة العابرة للحدود، مثل الاتجار بالمخدرات وبالبشر، إضافةً إلى الهجرة غير الشرعية وتبييض الأموال، والإرهاب.

وفي نفس المنحى، تم تحسين ظروف الاعتقال بشكل ملحوظ بفضل بناء سجون جديدة وفق المعايير الدولية، وتأهيل ما كان قائما منها وتجهيزها والرفع من المستوى المعيشي والصحي لنزلائها. 

ومن جهة أخرى، كرست السياسة السجنية مبدأ العفو، وتم تعريف السجناء بحقوقهم وواجباتهم على نطاق واسع، عن طريق نشر وتعميم دليل أعد خصيصا لهذا الغرض.

وستواصل الحكومة خلال سنة 2019 تنفيذ الأنشطة الجارية من خلال تعزيز مطابقة الإدارة السجنية مع المعايير المرعية، فضلا عن إطلاق برنامج تشييد السجون المركزية في جميع عواصم الولايات. وسيتم العمل بوجه خاص على ترقية النفاذ إلى العدالة عن طريق تشجيع اللجوء إلى التحكيم في حل النزاعات.

 

وعلى المستوى السياسي، تميزت السنوات الأخيرة بتعزيز ديمقراطيتنا من خلال تنفيذ الإصلاحات الدستورية والمؤسسية التي أسفر عنها الاتفاق السياسي المبرم بتاريخ 20 أكتوبر 2016 بين الأغلبية الرئاسية والمعارضة. وبهذا الصدد، فقد توج استفتاء 5 أغشت 2017 والانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية الأخيرة بما شهدته من مشاركة سياسة عريضة للأحزاب السياسية، هذا المسار الذي تمخض عن إعادة تشكيل المشهد المؤسسي في البلد، وهو ما تمثل جمعيتكم الموقرة مثالا ساطعا عليه.

كما أتاحت لنا هذه الإصلاحات، من بين أمور أخرى، التمتع اليوم بنشيد وطني وعلم يعكسان تنوعنا الثقافي وولاءنا للوطن. 

وستتخذ الحكومة الإجراءات المناسبة لتنظيم الاستحقاقات الانتخابية المقبلة في أحسن الظروف. وبالفعل، فقد تمت برمجة الوسائل الضرورية لهذا الغرض في إطار مشروع قانون المالية الأصلي لسنة 2019.

السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب 

لقد عكفت الحكومة في السنوات الأربع الماضية على تنفيذ السياسة الوطنية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها. وشاركت بلادنا بفاعلية في مختلف اللقاءات الدولية والإقليمية وشبه الإقليمية، وأنجزت التقارير المترتبة عليها، وتابعت تنفيذ المعاهدات التي صادقت عليها.

وبالإضافة إلى ذلك، استكملت الحكومة تنفيذ توصيات خارطة الطريق حول القضاء على الأشكال المعاصرة للاسترقاق. ومكن ذلك من مراجعة المدونة القانونية وحماية وترقية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتحسيس حول حقوق الإنسان.

وفي مجال ترقية سياسة وطنية للعمل الإنساني والإسعاف الاستعجالي، نفذت الحكومة عدة أنشطة دعم لصالح الأشخاص المعنيين، من خلال الصندوق الوطني للعون والإسعاف الذي أنجز نشاطات مدرةً للدخل بتمويل قارب 70 مليون أوقية جديدة، وأقطابتنميةمندمجة بتمويل بلغ حوالي 2.5مليون أوقية جديدة، إضافةً إلى المعونات الاجتماعية لصالح المعوزين والمرضى وضحايا الحرائق. 

وخلال سنة 2019، سيتم تنفيذ خطة لعصرنة مفوضية حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، وأدوات عملها. 

وسيعرض على جمعيتكم الموقرة مشروع قانون يتعلق بالمجتمع المدني، يرمي إلى تشجيع إشراك الجمعيات بصورة فعلية في رقابة المواطنة على العمل العمومي وتوضيح نظام المنفعة العامة.

ومن جهة أخرى، ستواصل الحكومة التفاعل مع آليات حقوق الإنسان وإعداد التقارير وتقديمها طبقا لالتزاماتنا الدولية والإقليمية وتعزيز العمل الإنساني لصالح السكان المعوزين.

السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب 

في مجال الصحافة والاتصال، تجسدت جهود السلطات العمومية خلال السنوات الماضية في تحرير الفضاء السمعي البصري، وإلغاء عقوبة حبس الصحافيين، وإعداد استراتيجية وطنية للاتصال من أجل التنمية، والمصادقة على مدونة للإشهار، إضافةً إلى تزويد وسائل الإعلام العمومية بالتجهيزات الحديثة وإنشاء صندوق لدعم الصحافة الحرة. 

وأسفر تحرير الفضاء السمعي البصري عن إنشاء محطات إذاعية وتلفزيونية حرة، تساهم اليوم، في ترقية حرية التعبير وفي النقاش العمومي. 

ومكنت هذه الجهود بلادنا من تحقيق تقدم معتبر أهلنا للتصنيف ضمن قائمة البلدان التي تتمتع فيها الصحافة بأكبر قدر من الحرية، سواءٌ في إفريقيا أو في العالم العربي والإسلامي.

وبخصوص الآفاق، تمت برمجة الأنشطة التالية:1) إنشاء دار للصحافة؛ 2) إنشاء هيئة للإشهار؛ 3) إعادة هيكلة صندوق دعم الصحافة الحرة؛ و4) إعداد خارطة طريق لقطاع الإعلام العمومي.

 

السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب 

في المجال الدبلوماسي، حققت بلادنا في السنوات الماضية، بدفع من فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، نجاحات معتبرةً بفضل انتهاج سياسة خارجية تتميز بالفعالية والاستباقية والحرص على صيانة المصالح الوطنية.

وتجسد تنشيط العمل الدبلوماسي في حضور متعاظم على الساحة الدولية سواءٌ على مستوى الهيئات والمؤتمرات والمنتديات الدولية أو من خلال نجاحنا الباهر في تنظيم القمة العربية السابعة والعشرين والقمة الإحدى والثلاثين للاتحاد الإفريقي.

ومن جهة أخرى، اضطلعت بلادنا بدور مركزي في إنشاء مجموعة دول الساحل الخمس وحفز عملها لصالح السلام والاستقرار في المنطقة والعالم. وقدمت مساهمةً مشهودةً في جهود البحث عن حلول للأزمات الإقليمية وشاركت مشاركةً فعالةً في حفظ السلام في كل من إفريقيا الوسطى وساحل العاج تحت إشراف الأمم المتحدة.

وركزت سياستنا على ضمان أمن مواطنينا في الخارج، في أنفسهم وأموالهم وصون كرامتهم في مهاجرهم. ولهذا الغرض، تم منذ سنتين إنشاء مركز عمليات الطوارئ على مستوى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون لتلبية متطلبات رعايانا في الخارج ومساعدتهم في ظروف الأزمات.

وفي مجال الحكامة الاقتصادية، تدرك الحكومة أن النمو الاقتصادي وتقاسم ثماره بشكل منصف يمثلان رهانين كبيرين بالنسبة لاستقرار بلدنا واستدامة ديمقراطيتنا. ولهذا السبب، ضمن أسباب أخرى، فإننا نلتزم بانتهاج سياسة تنموية مستدامة ترتكز على اقتصاد مفتوح ومتنوع، يضطلع فيه القطاع الخاص بكامل الدور المنوط به، وتتقلص الفوارق بين مختلف جهات الوطن.

ولهذا الغرض، ستواصل الحكومة السياسات الاقتصادية الإرادية المنتهجة في السنوات الأخيرة، من أجل تحقيق معدلات نمو مرتفعة سبيلا لتخفيف الفقر ومكافحة البطالة بفاعلية، وخاصة بطالة الشباب والنساء. وفي هذا الإطار، تم إعداد وتنفيذ استراتيجية للنمو المتسارع والرفاه المشترك للفترة 2016-2030 بغية توطيد وتحسين النتائج المحقًقة في مجال تخفيف الفقر وعدم المساواة.

وواكب هذه الاستراتيجية تجديد الإطار القانوني للمالية العامة عبر المصادقة على قانون نظامي جديد يتعلق بقوانين المالية وإصداره هذه السنة. وسيضمن هذا الإطار القانوني الجديد مزيدا من الحداثة والصدقية المالية والمحاسبية ومن نجاعة عمليات مراقبة تنفيذ ميزانية الدولة ومساءلة المسيرين. كما أنه يسن إلزامية إتاحة المعلومات المتعلقة بالميزانية والمالية للبرلمان والمواطنين، على حد السواء. وهكذا أصبح إطلاع الجمهور على مشروع قانون المالية إلزاميًا فور المصادقة عليه في مجلس الوزراء.

وفي الوقت نفسه، تم تحقيق تقدم كبير على طريق تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد. وهكذا تم القيام بمجموعة من الإجراءات والأعمال الملموسة لمكافحة الفساد، من بينها 1) تنشيط الأجهزة الرقابية؛ 2) إصلاح منظومة الصفقات العمومية الذي تم بموجبه الفصل بين وظائف الإبرام والمراقبة والتنظيم، من أجل شفافية أكبر في تسيير الطلبيات العمومية؛ 3) المصادقة سنة 2015 على قانون توجيهي حول الرشوة، والمصادقة سنة 2016 على قانون مكافحة الرشوة؛ 4) تبني إجراءات قوية ضد غسيل الأموال وتمويل الإرهاب؛ وأخيرا 5) إنشاء محكمة متخصصة في مجال مكافحة الرشوة وإنشاء قطب مالي.

وقد قامت المفتشية العامة للدولة، في إطار خطة عملها للسنوات الأربع الماضية، بتنفيذ 107 مهمات تفتيش، منها 27 في سنة 2018. ومكنت هذه المهام من ملاحظة أضرار مالية على حساب الدولة قاربت720 مليون أوقية جديدة منها ما يزيد على 120 مليون في سنة 2018 وحدها. 

ومن جهة أخرى، فإن عملية بناء صرح اقتصاد تنافسي الجاري القيام بها منذ تسلم فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز مقاليد السلطة مكنت خلال السنوات الأربع الأخيرة من تحقيق معدل نمو متوسط قدره 2,9 % ، وأتاح ذلك على وجه الخصوص المحافظة على التوازنات الاقتصادية الكبرى، ومكافحة التضخم وزيادة الاستثمار العمومي وتشجيع الاستثمار الخصوصي. 

وهكذا، تم خلال الفترة المذكورة توقيع 126 اتفاقية تمويل ناهزت قيمتها الإجمالية 90 مليار أوقية جديدة، 70% منها في شكل هبات. ووجهت هذه التمويلات لقطاعات الاقتصاد الحيوية كالتنمية الحيوانية والصيد والزراعة والطاقة، فضلا عن الحماية الاجتماعية والحكامة والتقنيات الجديدة في مجال الإعلام والاتصال.

وفي مجال مناخ الأعمال، سمحت الإصلاحات الكبيرة لبلادنا بالارتقاء 28 درجةً على سلم مؤشر التصنيف العالمي لمناخ الأعمال ما بين سنتي 2015 و2018، الأمر الذي يعكس بصورة عامة زخم الإصلاحات التي قامت بها بلادنا خلال هذه الفترة. 

وواكبت هذا التقدم، بين أمور أخرى، المصادقة على مدونة الحقوق العينية وتسوية النزاعات الصغيرة، وإلغاء حقوق التسجيل المترتبة على المقاولات والمبادرات الصغيرة والمتوسطة، وإصدار قانون الجمارك الجديد والقانون المصرفي. ومن شأن النجاحات المحققة أن تمهد السبيل لبلوغ هدف بلادنا على المدى القصير المتمثل في الحلول ضمن المائة دولة الأولى في تصنيف مؤشر مناخ الأعمال.

واقتناعا من الحكومة بأن ترقية القطاع الخاص لا يمكن أن تعطي النتائج المرجوة إلا في مناخ تسود فيه عدالة قوية، سريعة، ضامنة للمساواة الكاملة بين المتقاضين وفي متناولهم، فإنها تلتزم بأن تعتمد وتعرض على جمعيتكم الموقرة مشروعي قانونين يتعلقان بمراجعة مدونة التحكيم وبإصلاح القانون المنظم للإجراءات الجماعية لتصفية الخصوم المالية.

 

السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب

تتنزل قضايا البيئة في صلب العمل الحكومي. وخلال السنوات الأربع الماضية، انصبت الجهود على حماية مواردنا الطبيعية والمحافظة على المراعي ومكافحة التلوث والتصحر والمحافظة على التنوع الحيوي. واندرجت سياسة الحكومة خلال نفس الفترة في إطار الخطتين الخمسيتين اللتين تغطيان الفترتين 2012-2016 و2017-2021.

وفي هذا الإطار، تقوم الحكومة كل سنة بين شهري أكتوبر ومارس بحملة وطنية لحماية المراعي من الحرائق عن طريق صيانة الشبكة الوطنية للخطوط الواقية بطول 13.000 كلم. وبالإضافة إلى ذلك، تتواصل عمليات إعادة إحياء الوسط الطبيعي بإنتاج أكثر من 3 ملايين شجيرة على مستوى مختلف الولايات وإنجازحوالي 500.000 متر طولي من التعريشات وحماية 550 هكتارا في 8 ولايات. 

وفي إطار الاستراتيجية الوطنية لتنفيذ السور الأخضر العظيم، تم تثبيت الكثبان الرملية في ثمانية مواقع، وتفعيل الموقع النموذجي لإنتاج الخضروات والشتلات في بلدات بوطلحاية ومفتاح الخير والنعيم بولاية الترارزة، وبغداد بولاية البراكنة.

وفي مجال المحافظة على التنوع الحيوي، استفادت حظيرتا جاولينغ وآوليكات من أشغال استصلاح تضمنت على وجه الخصوص تحسين النفاذ إلى الأولى، وزيادة وظيفية الثانية.ومن جهة أخرى، تم إنشاء محميتين مساحة كل منهما 10.000 كلم مربع، في يغرف بآدراروتيشيت بتكانت، ستستفيدان من إعادة توطين طائر الحبارى.

وفي مجال مكافحة التلوث، مكنت معالجة المخلفات الضارة من حجز 44 طنا من الأكياس البلاستيكية وتصدير أكثر من 11.000 طن من المخلفات الصناعية المحتوية على مواد خطرة بغية معالجتها والتخلص منها.

وفي إطار أشغال حماية مدينة نواكشوط من مخاطر الحت الشاطئي والمد البحري والفيضانات، تم استكمال عمليات التثبيت الميكانيكي والبيولوجي لتقوية الحاجز الرملي على مستوى ثغرة منه، وسيتم استكمال عمليات التثبيت في ثغرة أخرى قبل نهاية السنة الجارية.

وقد أعدت الحكومة استراتيجيات عديدةً لحماية وصيانة مواردنا الطبيعية وصادقت عليها، ويتعلق الأمر بالاستراتيجية الوطنية للمناطق البحرية المحمية، والاستراتيجية الوطنية للمناطق الرطبة البرية، والاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي وخطة عملها 2011-2020، والاستراتيجية الوطنية للبيئة والتنمية المستدامة في أفق 2030 وخطة عملها للفترة 2017-2021.

وستواصل الحكومة، في السنوات المقبلة، تنفيذ هذه الاستراتيجيات على مواردها الذاتية، وبالتعاون مع شركائنا في التنمية. كما سيتواصل تنفيذ برنامج حماية المراعي وأشغال إعادة إحياء الوسط الطبيعي وإنتاج وغرس الأشجار، إضافةً إلى حملة التشجير في إطار برنامج الوكالة الوطنية للسور الأخضر العظيم.

وأخيرا، ستقدم الحكومة إلى جمعيتكم الموقرة خلال سنة 2019 مشروع قانون حول المحميات البحرية والشاطئية والقارية، ومشروع قانون يكرس مبدأ تحمل المسؤول عن التلويث التكاليف المترتبة على صنيعه.

السيد الرئيس، أيتها السيدات، أيها السادة

حظيت عصرنة إدارتنا العمومية خلال السنوات الأربع الماضية بعناية خاصة من لدن السلطات العمومية حرصا منها على تحسين نجاعتها من خلال تعزيز قدراتها المؤسسية، ودعم مواردها البشرية وتحسين جودة خدماتها للمواطنين وجعلها في متناولهم.

وفي هذا الإطار، تم تعزيز تسيير وكلاء الدولة وتجري الآن الإدارات المعنية اختبار وتجريب منظومة معلومات جديدة للتسيير الإداري والمالي لوكلائها، تمهيدا للعمل بها سنة 2019.

وقد ساهمت مختلف قطاعات الدولة في استيعاب مئات الشباب المتخرجين من المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء، وغيرها من المدارس المهنية والمؤسسات الأكاديمية.

وهكذا تجاوز إجمالي المكتتبين لصالح القطاعات الحكومية أكثر من 6000 إطارا من بينهم 1.420 في سنة 2018.

ومن جهة أخرى، ستتم خلال سنة 2019 المصادقة على نظام خاص لوكلاء الدولة العقدويين يجسد الإصلاح الرامي إلى تقويم تسيير الموارد البشرية للدولة. وقد تمت مراجعة النصوص المطبقة لمدونة الشغل وستتم المصادقة عليها خلال سنة 2019. 

وحرصا على حماية مصالح العمال من خلال تطبيق أفضل لتشريعات العمل والضمان الاجتماعي، تم إطلاق حملة على امتداد التراب الوطني من أجل تفعيل هذه التشريعات، وستجدد كلما دعت الحاجة. 

وفي مجال الضمان الاجتماعي، تمت حوسبة منظومة تسيير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وحسنت حصيلته المالية وغطت ممثلياته الجهوية جميع الولايات. 

كما أن تطبيق قرار اقتطاع المشاركات من المصدر أتاح تحسين التحصيل من المؤسسات العمومية، الأمر الذي مكن عمال هذه المؤسسات من الاستفادة من حماية اجتماعية مناسبة.

وسيستمر توجيه جهود الحكومة نحو تيسير النفاذ إلى خدمات صندوق الضمان الاجتماعي وتعزيز وضعيته المالية.

وقد أوشكت على الاكتمال عملية الإصلاح الرامية إلى تقويم وضعية حمالة ميناء نواكشوط. وتحملت الدولة أكثر من 100 مليون أوقية جديدة برسم التحفيز المالي، وتسديد الحقوق المترتبة على استفادة المعنيين من معاش من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

ويتواصل تنفيذ الخطة الوطنية للقضاء على عمالة الأطفال وبرنامج مكافحة السخرة. 

كما تم في سنة 2018 إطلاق دراسة حول عمالة الأطفال في الوسط الزراعي الرعوي بهدف تحسين المعرفة بوضعيتها في الوقت الراهن وضمان التكفل المناسب بهذه الإشكالية في سنة 2019 واستخلاص الحلول الأكثر ملاءمةً لمعالجتها.

السيد الرئيس، السيدات والسادة النواب

في إطار تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، وضعت الحكومة أسس اقتصاد مفتوح، تنافسي يعود نفعه على جميع المواطنين. وركزت الجهود منذ 2014 على تخفيف الآثار السلبية للصدمات الخارجية على الاقتصاد الوطني، ومكافحة التضخم، وتشجيع الاستثمار الخصوصي. 

وفي مجال سياسة النقد والصرف، انصبت الجهود في السنوات الأخيرة، من جهة، على تجديد إطار هذه السياسة من خلال وضع جملة أدوات تمكن البنك المركزي من ضبط أفضل للسيولة المصرفية، كما انصبت، من جهة أخرى، على تنفيذ سياسة صرف مرنة، مما ساهم في تخفيف آثار الصدمات الخارجية والمحافظة على التنافسية الخارجية وتعزيز احتياطيات البنك المركزي من العملات الصعبة التي بلغت 900 مليون دولار أمريكي في نهاية أكتوبر 2018، وهو ما يغطي 6 أشهر من استيراد السلع والخدمات.

وفي إطار نشاطات تمويل الاقتصاد، منح صندوق الإيداع والتنمية قروضا تجاوزت مليار أوقية جديدة لصالح 400 مقاولة صغيرة ومتوسطة، تعمل في قطاعات نشاط عديدة من الاقتصاد الوطني، وساهم بذلك في خلق أكثر من 3.000 فرصة عمل بين مؤقتة ودائمة.

وبالإضافة إلى ذلك، فقد تم تمويل أكثر من 7.600 مشروع توظيف ذاتي بكلفة بلغت 713 مليون أوقية جديدة، وذلك في إطار صندوق دعم التشغيل الذي أطلقه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز في سنة 2012 لمعالجة إشكالية التشغيل بصورة عامة وتشغيل الشباب بصورة خاصة. 

وسيتواصل تنفيذ الإصلاحات والسياسات الاقتصادية المنتهجة في السنوات الأخيرة ويتعمق لتمكين بلادنا من تحقيق أهدافها المرسومة في مجال تخفيف الفقر وعدم المساواة. 

ومن المتوقع أن يتجاوز متوسط نسبة النمو 5% خلال السنوات الخمس المقبلة، وأن يبلغ فائض الميزانية 0,6% من الناتج الداخلي الخام خلال نفس الفترة. 

وبالنسبة لسنة 2019، سيسجل الناتج الداخلي الخام نسبة نمو تناهز 4,6%، وفائض ميزانية بنسبة 0,2% من الناتج الداخلي الخام، على أن تبقى نسبة التضخم أقل من 4%.وستواصل الحكومة كذلك الجهود الرامية إلى ضمان استقرار وصلابة النظام المالي.

وفي هذا المنحى، سيتم الاحتفاظ بمستوى استثمارات جيد رغم السياق الدولي غير المواتي نتيجةً لارتفاع أسعار المحروقات وضعف مستوى أسعار المعادن وتقلباتها. وهكذا ستبقى نفقات الاستثمار، خاصةً الممول منها بموارد داخلية، في حدود مستوى نفقات 2018 تقريبا، في حين ستسجل الاستثمارات الممولة بموارد خارجية ارتفاعا طفيفا.

وستشهد السنوات المقبلة كذلك تحسينات لظروف تمويل الاقتصاد خاصةً عن طريق خفض كلفة الاقتراض وتوسيع النفاذ إلى الخدمات المالية، فضلا عن زيادة الشمول المالي من خلال القيام ابتداءً من 2019 بإعداد إطار قانوني أكثر ملاءمةً للابتكار، خاصةً " التسديد بالهاتف النقال" الذي ما تزال مقدراته غير مستغلة في بلادنا، رغم انتشار استخدامه من قبل السكان. وسيتم تطوير وتوسعة سوق السندات الإسلامية التي تم إطلاقها سنة 2017 وذلك كي تتمكن، في أفق 2020، من أداء الدور المتوخى منها في تمويل الاقتصاد. 

وستواصل الحكومة الأعمال الرامية إلى تشجيع نهوض الصناعات التحويلية لاسيما الصناعات الزراعية الغذائية، فضلا عن العمل على مزيد من دمج قطاعات الصيد والبيطرة والمعادن في الاقتصاد الوطني.

ومن أجل بلوغ أهداف النمو المستدام والشامل، كما حددتها خطة العمل الأولى لاستراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك 2016-2020 ، سيتواصل تنفيذ البرنامج الضخم الجاري العمل فيه منذ سنوات لتطوير البنى التحتية المهيكلة وصيانتها.

وفي هذا الإطار، فإن شبكة الطرق التي أنجز منها قرابة 1500 كلم وأعيد تأهيل أكثر من200 كلم أخرى خلال السنوات الأخيرة، ستشهد خلال سنة 2019 إطلاق أو مواصلة بناء وتأهيل طرق بالنشاب- الطريق الوطنية رقم4، وبالنشاب- الطريق الوطنية رقم 1، والزرافية- تامشكط، والنعمة- بنكو- باسكنو- فصالة، وكيفة- بومديد، والنعمة- نبيكت الاحواش، والمقطعان 1 و2 من طريق أطار تجكجة، وانواكشوط- روصو، واعوينات الزبل- جكني، وكيهيدي- مقامة، والركيز–المذرذرة، والكلم 58- الكلم108 من طريق انواكشوط- بوتيلميت، إضافةً إلى إطلاق أشغال مشروع جسر روصو ومحول ملتقى طرق مدريد المسمى " محول الصداقة ".

وفي مجال النقل البري، تمت إعادة هيكلة شركة النقل العمومي وعزز أسطولها.

ومن جهة أخرى، ستتم، في بحر سنة 2019، مراجعة مدونة الطرق، وتحيين الاستراتيجية الوطنية لأمن الطرق.

وبخصوص النقل البحري، ستواصل الحكومة الجهود الرامية إلى زيادة طاقة موانئ البلاد،وأشغال إنشاء مينائي تانيتوانجاكو. 

ومن جهة أخرى، سيتم بناء ميناء في المياه العميقة بانواذيبو، ومحطة للحاويات ورصيف نفطي بانواكشوط في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وينتظر أن تدخل هذه المنشآت التي تنطلق أشغال إنجازها في سنة 2019 حيز التشغيل في أجل أقصاه 2022.

وفي مجال النقل الجوي، تم تشييد مطارات انواكشوط أم التونسي، تيارت الواسعة وبير أم قرين، كما تم تأهيل مطارات الزويرات وانواذيبو وأطار والنعمة. 

ومن جهة أخرى، سيتم ابتداءً من 2019 إسناد تسيير مطار أم التونسي الدولي لفاعل دولي متخصص، وذلك من أجل المحافظة على هذه المنشأة وضمان مردوديتها. وأخيرا، سيتم تعزيز أسطول الموريتانية للطيران الدولي بطائرتين جديدتين، وهو ما سيمكنها من توسيع شبكة رحلاتها لتشمل وجهات جديدةً.

السيد الرئيس، السيدات والسادة

في مجال الطاقة، تمثلت الإنجازات الرئيسة في نواكشوطفي بناء محطة هوائية بقدرة 30 ميغاواط سنة 2015 ومحطة مزدوجة بقدرة 180 ميغاواط سنة 2016 ومحطة شمسية، بقدرة 50 ميغاواط سنة 2017. وخارج الشبكة البينية، تم تهجين محطات حرارية تزود ثماني بلدات بفضل وحدات شمسية بقدرة إجمالية قدرها 16,6 ميغاواط (أطار، العيون، ألاك، بوتيلميت، أكجوجت، الشامي، بولنوار وبالنشاب).

كما تم بناء سبع محطات هجينة حرارية/ شمسية جديدة (كيفة، النعمة، عدل بقره، بيرت، انجاكو، بوصطيلة، تندغماجك). وبذلك تمت إضافة حوالي 290 ميغاواط خلال هذه الفترة.

وفي مجال نقل الكهرباء وتوزيعها، تم تنفيذ برامج لتوسيع الشبكات في انواكشوطوانواذيبو، وفي مدن البلاد الرئيسة. 

وبالإضافة إلى ذلك، تم تنفيذ مشاريع لتطوير شبكات التوزيع داخل البلاد(خطوط الجهد المتوسط ألاك- بوكي، بوكي- كيهيدي، أشرم- كامور، كرو- كيفة، تمبدغة- النعمة- نبيكت الاحواش، النعمة- عدل بقره)، وكذلك في نواكشوط مع تكثيف الشبكة وتعزيز منظومة التفريغ بخمسة مراكز – مصدرية جديد